للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُرَادُ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ هُنَا النِّعَمُ وَالْمَصَائِبُ، كَمَا قَدْ سَمَّى اللَّهُ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ وَسَيِّئَاتٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنَ الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ ١٦٨] وَقَوْلِهِ: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ ٥٠] .

وَلِهَذَا قَالَ: مَا أَصَابَكَ وَلَمْ يَقُلْ: مَا أَصَبْتَ. وَهَكَذَا قَالَ السَّلَفُ. فَفِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ (١) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْحَسَنَةَ: الْخِصْبُ (٢) وَالْمَطَرُ، وَالسَّيِّئَةَ: الْجَدْبُ وَالْغَلَاءُ. وَفِي رِوَايَةِ الْوَالِبِيِّ عَنْهُ: أَنَّ الْحَسَنَةَ: الْفَتْحُ وَالْغَنِيمَةُ، وَالسَّيِّئَةَ الْهَزِيمَةُ وَالْجِرَاحُ وَنَحْوُ ذَلِكَ (٣) . وَقَالَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ: مَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَالسَّيِّئَةُ مَا أَصَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الْحَسَنَةُ: الْغَنِيمَةُ وَالنِّعْمَةُ (٤) ، وَالسَّيِّئَةُ الْبَلِيَّةُ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْحَسَنَةَ: الطَّاعَةُ، وَالسَّيِّئَةَ: الْمَعْصِيَةُ.

وَهَذَا يَظُنُّهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ، فَقَالَ مُثْبِتَةُ الْقَدَرِ هَذَا حُجَّةٌ لَنَا، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [سُورَةُ النِّسَاءِ ٧٨] . وَقَالَ نُفَاتُهُ: بَلْ هُوَ حُجَّةٌ لَنَا لِقَوْلِهِ: {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [سُورَةُ النِّسَاءِ ٧٩] . وَحُجَّةُ كُلِّ فَرِيقٍ تَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ الْآخَرِ. وَالْقَوْلَانِ


(١) وَهَكَذَا. . . أَبِي صَالِحٍ: كَذَا فِي (أ) ، (ب) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَهَكَذَا قَالَ فِي مَعْنَى رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ.
(٢) ر، ح، ي، ب: الْحَسَنَةَ هِيَ الْخِصْبُ.
(٣) ح، ب: وَالْجِرَاحُ وَالْهَزِيمَةُ، وَسَقَطَتْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(٤) ن، م، و، أ: الْحَسَنَةُ النِّعْمَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>