للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ تَعَمَّدَ أَنْ يَفْعَلَهَا مَعَ تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ الَّتِي يَعْلَمُ وُجُوبَهَا.

قِيلَ: هَذَا مُسْتَحِقٌّ لِلْعِقَابِ ; فَإِنَّهُ عَاصٍ بِهَذَا الْفِعْلِ، وَهَذَا قَدْ يَكُونُ إِثْمُهُ كَإِثْمِ التَّارِكِ. وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ هَذَا قَدْ (١) يُثَابُ، فَإِنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ (٢) ثَوَابَ مَنْ فَعَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ كَمَا أَمَرَ بِهِ، بَلْ أَكْثَرُ مَا يُقَالُ: إِنَّ لَهُ عَلَيْهِ ثَوَابًا بِحَسَبِهِ (٣) ، لَكِنَّ الَّذِي يَعْرِفُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ أَنَّ هَذَا وَاجِبٌ أَوْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ: ٧ - ٨] .

وَالْقُرْآنُ وَذِكْرُ اللَّهِ وَدُعَاؤُهُ خَيْرٌ. وَإِلَّا فَالْمُسْلِمُ لَا يُصَلِّي إِلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ، أَوْ بِغَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلذَّمِّ وَالْعِقَابِ. وَمَعَ هَذَا فَقَدَ يُمْكِنُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ (* اعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ مُذْنِبٌ لَا عَلَى طَرِيقِ (٤) الِاسْتِهَانَةِ (٥) وَالِاسْتِهْزَاءِ وَالِاسْتِخْفَافِ، بَلْ عَلَى طَرِيقِ الْكَسَلِ، أَنْ يُثَابَ عَلَى مَا فَعَلَهُ، كَمَنْ تَرَكَ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ الْمَجْبُورَةِ بِدَمٍ، لَكِنْ لَا يَكُونُ ثَوَابُهُ كَمَا إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ *) (٦) غَيْرِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ.

وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ الْجَوَابُ عَنْ شُبْهَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالْمُرْجِئَةِ وَغَيْرِهِمْ، مِمَّنْ يَقُولُ: إِنَّ الْإِيمَانَ لَا يَتَبَعَّضُ وَلَا يَتَفَاضَلُ وَلَا يَنْقُصُ. قَالُوا: لِأَنَّهُ إِذَا ذَهَبَ مِنْهُ جُزْءٌ ذَهَبَ كُلُّهُ، لِأَنَّ الشَّيْءَ الْمُرَكَّبَ مِنْ أَجْزَاءٍ


(١) قَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ب) .
(٢) عَلَيْهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(٣) ن، م، أ، ي: يَحْسِبُهُ.
(٤) طَرِيقِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٥) الِاسْتِهَانَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(٦) : مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ)

<<  <  ج: ص:  >  >>