للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى هَذَا فَنَقُولُ: إِذَا نَقَصَ شَيْءٌ مِنْ وَاجِبَاتِهِ فَقَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ الْكَمَالُ وَالتَّمَامُ، وَيَجُوزُ نَفْيُ الِاسْمِ إِذَا أُرِيدَ بِهِ نَفْيُ ذَلِكَ الْكَمَالِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ الْجُزْءِ: إِنْ كَانَ تَرَكَ وَاجِبًا فَعَلَهُ، أَوْ كَانَ ذَنْبًا اسْتَغْفَرَ مِنْهُ، وَبِذَلِكَ يَصِيرُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْتَحِقِّينَ لِثَوَابِ اللَّهِ الْمَحْضِ الْخَالِصِ عَنِ الْعِقَابِ. وَأَمَّا إِذَا تَرَكَ وَاجِبًا مِنْهُ أَوْ فَعَلَ مُحَرَّمًا ; فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ عَلَى ذَلِكَ، وَيَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ عَلَى مَا فَعَلَ. وَالْمَنْفِيُّ إِنَّمَا هُوَ الْمَجْمُوعُ لَا كُلُّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ، كَمَا إِذَا ذَهَبَ وَاحِدٌ مِنَ الْعَشْرَةِ، لَمْ تَبْقَ الْعَشْرَةُ عَشَرَةً، لَكِنْ بَقِيَ أَكْثَرُ أَجْزَائِهَا.

وَكَذَلِكَ جَاءَتِ السُّنَّةُ فِي سَائِرِ الْأَعْمَالِ كَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ (١) مِنْهَا وَيُعَاقَبُ عَلَى الْبَاقِي، حَتَّى إِنَّهُ (٢) إِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ جُبِرَ مَا تَرَكَ بِالتَّطَوُّعِ، وَلَوْ كَانَ مَا فَعَلَ بَاطِلًا وَجُودُهُ كَعَدَمِهِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ لَمْ يُجْبَرْ بِالنَّوَافِلِ شَيْءٌ. وَعَلَى ذَلِكَ دَلَّ حَدِيثُ الْمُسِيءِ الَّذِي فِي السُّنَنِ (٣) : أَنَّهُ إِذَا نَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا أُثِيبَ عَلَى مَا فَعَلَهُ.

فَإِنْ قُلْتَ: فَالْفُقَهَاءُ يُطْلِقُونَ أَنَّهُ قَدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَوْمُهُ وَحَجُّهُ إِذَا تَرَكَ مِنْهُ رُكْنًا.

قِيلَ: لِأَنَّ الْبَاطِلَ فِي عُرْفِهِمْ ضِدُّ الصَّحِيحِ، وَالصَّحِيحُ فِي عُرْفِهِمْ مَا


(١) ح، ب: عَلَى مَا فَعَلَ.
(٢) إِنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ب) .
(٣) و: حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي فِي السُّنَنِ فِي الْمُسِيءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>