للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ. وَصَنَّفَ الْمُزَنِيُّ مُصَنَّفًا رَدَّ فِيهِ عَلَى مَالِكٍ ثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً مِنْهَا هَذِهِ. وَقَدْ رَدَّ عَلَى الْمُزَنِيِّ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ (١) وَصَاحِبُهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ. وَعُمْدَتُهُمْ أَنَّ الصَّلَاةَ إِنْ (٢) فُعِلَتْ كَمَا أُمِرَ بِهَا الْعَبْدُ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ وَلَا بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ تُفْعَلْ كَمَا أُمِرَ بِهَا الْعَبْدُ فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ، فَيُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ. وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ وَاجِبٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ قَطُّ أَنْ يُؤَخِّرَهَا عَنِ الْوَقْتِ، فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ أَوْكَدَ مِمَّا تَرَكَ لَمْ يُعِدْ بَعْدَ الْوَقْتِ، لِأَنَّهُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْوَقْتِ يُمْكِنُهُ تَلَافِيهَا ; فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَعَ النَّجَاسَةِ أَوْ عُرْيَانًا خَيْرٌ مِنَ الصَّلَاةِ بِلَا نَجَاسَةٍ بَعْدَ الْوَقْتِ، فَلَوْ أَمَرْنَاهُ أَنْ يُعِيدَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ لَكُنَّا نَأْمُرُهُ بِأَنْقَصِ مِمَّا صَلَّى، وَهَذَا لَا يَأْمُرُ بِهِ الشَّارِعُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْهَا، فَذَاكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَيُعِيدُ بَعْدَ الْوَقْتِ.

وَهَذَا الْفَرْقُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ وَاجِبَاتِهَا (٣) مَا هُوَ رُكْنٌ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِهِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ وَاجِبٌ تَتِمُّ بِدُونِهِ (٤) ، إِمَّا مَعَ السَّهْوِ وَإِمَّا مُطْلَقًا. وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ يُوجِبُ فِيهَا مَا لَا يَجِبُ بِتَرْكِهِ الْإِعَادَةُ بِحَالٍ. فَإِذَا


(١) ن، م: الْبُهْرِيُّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ التَّمِيمِيُّ الْأَبْهَرِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ ٢٨٩ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ٣٧٥، لَهُ تَصَانِيفُ فِي شَرْحِ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالرَّدِّ عَلَى مُخَالِفِيهِ انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: تَارِيخِ بَغْدَادَ ٥/٤٦٢ - ٤٦٣، الْأَعْلَامِ ٧/٩٨
(٢) ن، م: إِذَا.
(٣) بَعْدَ عِبَارَةِ مِنْ وَاجِبَاتِهَا، يُوجَدُ سَقْطٌ طَوِيلٌ فِي نُسْخَةِ (ي) ، يَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ نَتِيجَةَ ضَيَاعِ أَوْرَاقٍ مِنَ الْمَخْطُوطَةِ إِذْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّفْحَةِ التَّالِيَةِ يَبْدَأُ بِعِبَارَةِ بِهِ الشِّرْكُ بَلْ أَرَادَتِ التَّقِيَّ الَّذِي لَا يُقْدِمُ عَلَى الْفُجُورِ، وَوَجَدْتُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي ص ٣/٧٣ (ب) .
(٤) ر، ح: تَتِمُّ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>