للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْجَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِيهَا مَا يَجِبُ بِتَرْكِهِ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ، كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الشَّرْعِ. وَأَحْمَدُ مَعَ مَالِكٍ يُوجِبَانِ فِيهَا مَا يَسْقُطُ بِالسَّهْوِ وَيُجْبَرُ بِالسُّجُودِ، ثُمَّ ذَلِكَ الْوَاجِبُ إِذَا تَرَكَهُ عَمْدًا أَمَرَهُ أَحْمَدُ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ بِالْإِعَادَةِ كَمَا لَوْ تَرَكَ فَرْضًا، وَأَمَّا مَالِكٌ فَفِي مَذْهَبِهِ قَوْلَانِ فِيمَنْ تَرَكَ مَا يَجِبُ السُّجُودُ لِتَرْكِهِ سَهْوًا، كَتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَتَرْكِ تَكْبِيرَتَيْنِ فَصَاعِدًا، أَوْ قِرَاءَةِ (١) السُّورَةِ وَالْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ فِي مَوْضِعِهِمَا.

وَقَدِ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ مِنْهَا مَا يُجْبَرُ الْحَجُّ مَعَ تَرْكِهِ، وَمِنْهَا مَا يَفُوتُ الْحَجُّ مَعَ تَرْكِهِ فَلَا يُجْبَرُ، كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، فَكَذَلِكَ (٢) الصَّلَاةُ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ: مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي الْوَقْتِ إِذَا تُرِكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى فَاتَ وَقْتُهُ لَمْ يُمْكِنْ فِعْلُهُ بَعْدَ الْوَقْتِ، كَالْجُمُعَةِ، وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَرَمْيِ الْجِمَارِ ; فَإِنَّ الْفِعْلَ بَعْدَ الْوَقْتِ عِبَادَةٌ لَا تُشْرَعُ إِلَّا إِذَا شَرَعَهَا الشَّارِعُ، فَلَا تَكُونُ مَشْرُوعَةً إِلَّا بِشَرْعِهِ، وَلَا وَاجِبَةً إِلَّا بِأَمْرِهِ. وَقَدِ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ (٣) لَا يَقِفُ بِعَرَفَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَكَذَلِكَ رَمْيُ الْجِمَارِ لَا تُرْمَى بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى، سَوَاءٌ فَاتَتْهُ (٤) لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ (٥) . كَذَلِكَ الْجُمُعَةُ لَا يَقْضِيهَا الْإِنْسَانُ سَوَاءٌ فَاتَتْهُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ


(١) أَوْ قِرَاءَةِ: كَذَا فِي (م) ، (ح) ، (ب) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَقِرَاءَةِ.
(٢) ن، م: وَكَذَلِكَ.
(٣) ن، م، و: أَوْ غَيْرِهِ.
(٤) أ: فَاتَهُ، ن، م: فَاتَتْ.
(٥) ن، م: لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، ح: لِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ، و، ر: بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>