للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَصْحَابِ الْكَبَائِرِ الْمُتَعَمِّدِينَ لَهَا، الْمُفَرِّطِينَ فِي عَمُودِ الْإِسْلَامِ.

وَالصَّلَاةُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ لَمَّا سُئِلَ عَمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ فَعَجَزَ عَنْهُ، أَوْ نَذَرَ صِيَامًا أَوْ حَجًّا فَمَاتَ، هَلْ يُفْعَلُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: " «أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ أَوْ أُمِّكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ، أَمَا كَانَ يُجْزِي عَنْهُ؟ " قَالَ: بَلَى. قَالَ: " فَاللَّهُ (١) أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» " (٢) . وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَحَقُّ بِقَبُولِ الْقَضَاءِ عَنِ الْمَعْذُورِ مِنْ بَنِي آدَمَ ; فَإِنَّ اللَّهَ أَرْحَمُ وَأَكْرَمُ، فَإِذَا كَانَ الْآدَمِيُّونَ يَقْبَلُونَ الْقَضَاءَ عَمَّنْ مَاتَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِقَبُولِهِ أَيْضًا، لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُقْضَى حُقُوقُهُ الَّتِي كَانَتْ عَلَى الْمَيِّتِ، وَهِيَ أَوْجَبُ مَا يُقْضَى مِنَ الدَّيْنِ، فَإِنَّ دَيْنَ الْمَيِّتِ لَا يَجِبْ عَلَى الْوَرَثَةِ قَضَاؤُهُ، لَكِنْ يُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ فِعْلُ مَا وَجَبَ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ نَذْرٍ.

وَالسَّائِلُ إِنَّمَا سَأَلَ عَنِ الْإِجْزَاءِ وَالْقَبُولِ، لَمْ يَسْأَلْ عَنِ الْوُجُوبِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُجَابَ عَنْ سُؤَالِهِ، فَعَلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ بِقَضَاءِ الْعِبَادَاتِ وَقَبُولِ الْقَضَاءِ مِنْ بَابِ الْإِحْسَانِ وَالرَّحْمَةِ (٣) ، وَذَلِكَ مُنَاسِبٌ لِلْمَعْذُورِ (٤) . وَأَمَّا صَاحِبُ الْكَبِيرَةِ الْمُفَوِّتُ عَمْدًا (٥) فَلَا يَسْتَحِقُّ تَخْفِيفًا وَلَا رَحْمَةً، لَكِنْ إِذَا تَابَ فَلَهُ


(١) ح، ب: إِنَّ اللَّهَ.
(٢) الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي: مُسْلِمٍ ٢/٨٠٤ كِتَابُ الصِّيَامِ بَابُ قَضَاءِ الصِّيَامِ عَنِ الْمَيِّتِ، سُنَنَ التِّرْمِذِيِّ ٢/١١٠ كِتَابُ الصَّوْمِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّوْمِ عَنِ الْمَيِّتِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَفِي الْبَابِ عَنْ بُرَيْدَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(٣) وَالرَّحْمَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) (ر) .
(٤) ح، ر: لِلْمَعْرِفَةِ.
(٥) ح، ب: الْكَبِيرَةِ الْمُتَعَمِّدُ، وَسَقَطَتْ عِبَارَةُ (الْمُفَوِّتُ عَمْدًا) مِنْ (و) .

<<  <  ج: ص:  >  >>