لِلَّهِ، وَالْإِعْطَاءُ لِلَّهِ، وَالْمَنْعُ لِلَّهِ. وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ بِمُتَابَعَةِ رَسُولِ اللَّهِ، الَّذِي أَمْرُهُ أَمْرُ اللَّهِ، وَنَهْيُهُ نَهْيُ اللَّهِ، وَمُعَادَاتُهُ مُعَادَاةُ اللَّهِ، وَطَاعَتُهُ طَاعَةُ اللَّهِ، وَمَعْصِيَتُهُ مَعْصِيَةُ اللَّهِ.
وَصَاحِبُ الْهَوَى يُعْمِيهِ الْهَوَى وَيُصِمُّهُ، فَلَا يَسْتَحْضِرُ مَا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَطْلُبُهُ، وَلَا يَرْضَى لِرِضَا اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَا يَغْضَبُ لِغَضَبِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، بَلْ يَرْضَى إِذَا حَصَلَ مَا يَرْضَاهُ بِهَوَاهُ، وَيَغْضَبُ إِذَا حَصَلَ مَا يَغْضَبُ لَهُ بِهَوَاهُ، وَيَكُونُ مَعَ ذَلِكَ مَعَهُ شُبْهَةُ دِينٍ: أَنَّ الَّذِي يَرْضَى لَهُ وَيَغْضَبُ لَهُ أَنَّهُ (١) السُّنَّةُ، وَهُوَ الْحَقُّ، وَهُوَ الدِّينُ، فَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ الَّذِي مَعَهُ هُوَ الْحَقُ الْمَحْضُ دِينُ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ أَنْ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ، وَأَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، بَلْ قَصَدَ الْحَمِيَّةَ لِنَفْسِهِ وَطَائِفَتِهِ أَوِ الرِّيَاءَ، لِيُعَظَّمَ هُوَ وَيُثْنَى عَلَيْهِ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ شَجَاعَةً وَطَبْعًا، أَوْ لِغَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ، وَلَمْ يَكُنْ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَكَيْفَ إِذَا كَانَ الَّذِي يَدَّعِي الْحَقَّ وَالسُّنَّةَ هُوَ كَنَظِيرِهِ، مَعَهُ حَقٌّ وَبَاطِلٌ، وَسُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ، وَمَعَ خَصْمِهِ حَقٌّ وَبَاطِلٌ، وَسُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ؟ .
وَهَذَا حَالُ الْمُخْتَلِفِينَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دَيْنَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا، وَكَفَّرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَفَسَّقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فِيهِمْ: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ - وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [سُورَةُ الْبَيِّنَةِ: ٤ - ٥] .
وَقَالَ تَعَالَى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٢١٣] ، يَعْنِي:
(١) ح، ب، و، ر، أ: هُوَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute