للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ (١) أَنَّهَا نَزَلَتِ فِي الْمُقْتَتِلِينَ يَوْمَ بَدْرٍ: فِي حَمْزَةَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلِيٍّ ابْنِ عَمِّهِ، وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ ابْنِ عَمِّهِ (٢) ، وَالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ بَارَزَهُمْ: عُتْبَةَ، وَشَيْبَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ (٣) .

وَقَدْ تَدَبَّرْتُ كُتُبَ الِاخْتِلَافِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا مَقَالَاتُ النَّاسِ إِمَّا نَقْلًا مُجَرَّدًا، مِثْلَ كِتَابِ الْمَقَالَاتِ لِأَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ، وَكِتَابِ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ لِلشَّهْرِسْتَانِيِّ، وَلِأَبِي عِيسَى الْوَرَّاقِ، أَوْ مَعَ انْتِصَارٍ لِبَعْضِ الْأَقْوَالِ، كَسَائِرِ مَا صَنَّفَهُ أَهْلُ الْكَلَامِ عَلَى اخْتِلَافِ طَبَقَاتِهِمْ فَرَأَيْتُ عَامَّةَ الِاخْتِلَافِ الَّذِي فِيهَا مِنْ الِاخْتِلَافِ الْمَذْمُومِ. وَأَمَّا الْحَقُّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ، وَأَنْزَلَ بِهِ كِتَابَهُ، وَكَانَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ فَلَا يُوجَدُ فِيهَا فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الِاخْتِلَافِ، بَلْ يَذْكُرُ أَحَدُهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ عِدَّةَ أَقْوَالٍ، وَالْقَوْلُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ لَا يَذْكُرُونَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَهُ وَلَا يَذْكُرُونَهُ، بَلْ لَا يَعْرِفُونَهُ.

وَلِهَذَا كَانَ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ يَذُمُّونَ هَذَا الْكَلَامَ. وَلِهَذَا يُوجَدُ الْحَاذِقُ


(١) فِي الصَّحِيحَيْنِ: كَذَا فِي (ح) ، (ر) ، (و) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: فِي الصَّحِيحِ.
(٢) ح، ب: وَعَلِيٍّ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ ابْنَيْ عَمَّيْهِ.
(٣) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ: الْبُخَارِيِّ ٦/٩٨ كِتَابُ التَّفْسِيرِ سُورَةُ الْحَجِّ مُسْلِمٍ ٤/٢٣٢٣ كِتَابُ التَّفْسِيرِ، بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يُقْسِمُ فِيهَا إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) نَزَلَتْ فِي حَمْزَةَ وَصَاحِبَيْهِ وَعُتْبَةَ وَصَاحِبَيْهِ يَوْمَ بَرَزُوا فِي بَدْرٍ. وَأَمَّا حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ قَيْسٌ: وَفِيهِمْ نَزَلَتْ (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) قَالَ: هُمُ الَّذِينَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ: عَلِيٌّ وَحَمْزَةُ وَعُبَيْدَةُ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ، وَانْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ ٥/٤٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>