للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَكَذَا (١) مَعْرِفَتُهُ بِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ، مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَعْرَفِ الْمُتَكَلِّمِينَ الْمُصَنِّفِينَ فِي الِاخْتِلَافِ بِذَلِكَ، وَهُوَ أَعْرَفُ بِهِ مِنْ جَمِيعِ أَصْحَابِهِ: مِنَ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ فُورَكٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ. وَهَؤُلَاءِ أَعْلَمُ بِهِ مِنْ أَبِي الْمَعَالِي وَذَوِيهِ، وَمِنَ الشَّهْرَسْتَانِيِّ، [وَلِهَذَا كَانَ مَا يَذْكُرُهُ الشَّهْرَسْتَانِيُّ] (٢) مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ نَاقِصًا عَمَّا يَذْكُرُهُ الْأَشْعَرِيُّ ; فَإِنَّ الْأَشْعَرِيَّ أَعْلَمُ مِنْ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ بِذَلِكَ نَقْلًا وَتَوْجِيهًا.

وَهَذَا كَالْفَقِيهِ الَّذِي يَكُونُ أَعْرَفَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ بِالْحَدِيثِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ. أَوِ الْمُحَدِّثُ الَّذِي يَكُونُ أَفْقَهَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الْفِقْهِ. وَالْمُقْرِئُ الَّذِي يَكُونُ أَخْبَرَ مِنْ غَيْرِهِ بِالنَّحْوِ وَالْإِعْرَابِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَئِمَّةِ النُّحَاةِ. وَالنَّحْوِيُّ الَّذِي يَكُونُ أَخْبَرَ مِنْ غَيْرِهِ بِالْقُرْآنِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ، وَنَظَائِرُ هَذَا مُتَعَدِّدَةٌ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا بَيَانُ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ ذَمِّ الِاخْتِلَافِ فِي الْكِتَابِ. وَهَذَا الِاخْتِلَافُ الْقَوْلِيُّ، وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ الْعَمَلِيُّ وَهُوَ الِاخْتِلَافُ بِالْيَدِ وَالسَّيْفِ وَالْعَصَا وَالسَّوْطِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الِاخْتِلَافِ.

وَالْخَوَارِجُ وَالرَّوَافِضُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَنَحْوُهُمْ (٣) يَدْخُلُونَ فِي النَّوْعَيْنِ. وَالْمُلُوكُ الَّذِينَ يَتَقَاتَلُونَ (٤) عَلَى مَحْضِ الدُّنْيَا يَدْخُلُونَ فِي الثَّانِي. وَالَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْعِلْمِ، وَلَا يَدْعُونَ إِلَى قَوْلٍ ابْتَدَعُوهُ، وَيُحَارِبُونَ عَلَيْهِ مَنْ خَالَفَهُمْ لَا بِيَدٍ، وَلَا بِلِسَانٍ، هَؤُلَاءِ هُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ، وَهَؤُلَاءِ خَطَؤُهُمْ مَغْفُورٌ


(١) ح، ر، ب: وَهَكَذَا.
(٢) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، فَقَطْ.
(٣) ن، م: وَغَيْرُهُمْ.
(٤) ن، م: يُقَاتِلُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>