للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُمْ وَلَيْسُوا مَذْمُومِينَ، إِلَّا أَنْ يَدْخُلَهُمْ هَوًى وَعُدْوَانٌ أَوْ تَفْرِيطٌ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ ; فَإِنَّ الْعَبْدَ مَأْمُورٌ بِالْتِزَامِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ فِي كُلِّ أُمُورِهِ، وَقَدْ شَرَّعَ اللَّهُ - تَعَالَى - أَنْ نَسْأَلَهُ ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، وَهُوَ أَفْضَلُ الدُّعَاءِ وَأَفْرَضُهُ وَأَجْمَعُهُ لِكُلِّ خَيْرٍ، وَكُلُّ أَحَدٍ مُحْتَاجٌ إِلَى الدُّعَاءِ بِهِ، فَلِهَذَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَى الْعَبْدِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ.

فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ هُدِيَ هَدًى مُجْمَلًا، مِثْلُ إِقْرَارِهِ بِأَنَّ الْإِسْلَامَ حَقٌّ وَالرَّسُولَ حَقٌّ، فَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى التَّفْصِيلِ فِي كُلِّ مَا يَقُولُهُ وَيَفْعَلُهُ وَيَعْتَقِدُهُ، فَيُثْبِتُهُ أَوْ يَنْفِيهِ، وَيُحِبُّهُ أَوْ يُبْغِضُهُ، وَيَأْمُرُ بِهِ أَوْ يَنْهَى عَنْهُ، وَيَحْمَدُهُ أَوْ يَذُمُّهُ. وَهُوَ مُحْتَاجٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَهْدِيَهُ اللَّهُ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا. فَإِنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ سَمِعَ ذَمَّ الْكَلَامِ مُجْمَلًا، أَوْ سَمِعَ (١) ذَمَّ الطَّائِفَةِ الْفُلَانِيَّةِ مُجْمَلًا، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ تَفَاصِيلَ الْأُمُورِ: مِنَ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَالصُّوفِيَّةِ وَالْعَامَّةِ، وَمَنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا فِي الْكَلَامِ، لَمْ يَصِلْ إِلَى الْغَايَاتِ الَّتِي مِنْهَا تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا تَجِدُهُ يَذُمُّ الْقَوْلَ وَقَائِلَهُ بِعِبَارَةٍ، وَيَقْبَلُهُ بِعِبَارَةٍ (٢) ، وَيَقْرَأُ كُتُبَ التَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ وَشُرُوحَ الْحَدِيثِ، وَفِيهَا تِلْكَ الْمَقَالَاتُ الَّتِي كَانَ يَذُمُّهَا، فَيَقْبَلُهَا مِنْ أَشْخَاصٍ أُخَرَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِمْ، وَقَدْ ذَكَرُوهَا (٣) بِعِبَارَةٍ أُخْرَى، أَوْ فِي ضِمْنِ تَفْسِيرِ آيَةٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.


(١) سَمِعَ: زِيَادَةٌ فِي (ح) ، (ب) .
(٢) عِبَارَةٍ، وَيَقْبَلُهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ب) .
(٣) وَقَدْ ذَكَرُوهَا: كَذَا فِي (أ) ، (ب) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَذَكَرُوهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>