للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَفَيَقُولُ مُسْلِمٌ: إِنَّ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ الَّذِينَ يَسْفِكُونَ دِمَاءَ النَّاسِ وَيَأْخُذُونَ أَمْوَالَهُمُ اتَّقَوُا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُشْرِكُوا، وَإِنَّ أَهْلَ الْفَوَاحِشِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَظُلْمِ النَّاسِ اتَّقَوُا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ؟ .

وَقَدْ قَالَ السَّلَفُ: ابْنُ مَسْعُودٍ (١) وَغَيْرُهُ: كَالْحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ، وَقَتَادَةَ، وَمُقَاتِلٍ: " حَقَّ تُقَاتِهِ أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى، وَأَنْ يُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرُ، وَأَنْ يُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى " (٢) . وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَفِي تَفْسِيرِ الْوَالِبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ أَنْ يُجَاهِدَ الْعَبْدُ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَأَنْ لَا تَأْخُذَهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَأَنْ يَقُومُوا لَهُ بِالْقِسْطِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَآبَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ (٣) .

وَفِي الْآيَةِ (٤) أُخْرَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سُورَةُ التَّغَابُنِ: ١٦] وَهَذِهِ مُفَسِّرَةٌ لِتِلْكَ. وَمَنْ قَالَ مِنَ السَّلَفِ هِيَ نَاسِخَةٌ لَهَا، فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا رَافِعَةٌ لِمَا يُظَنُّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ حَقِّ تُقَاتِهِ: مَا يَعْجِزُ الْبَشَرُ عَنْهُ ; فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْ بِهَذَا قَطُّ. وَمَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِهِ، فَقَدْ غَلِطَ. وَلَفْظُ النَّسْخِ فِي عُرْفِ السَّلَفِ يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَا فِيهِ نَوْعُ رَفْعٍ لِحُكْمٍ، أَوْ ظَاهِرٍ، أَوْ ظَنِّ دَلَالَةٍ حَتَّى يُسَمُّوا تَخْصِيصَ الْعَامِّ نَسْخًا (٥) ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّي الِاسْتِثْنَاءَ نَسْخًا إِذَا تَأَخَّرَ نُزُولُهُ.


(١) ن، م: وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، أ: وَقَالَ السَّلَفُ ابْنُ مَسْعُودٍ
(٢) ن، م: وَأَنْ يُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى، وَأَنْ يُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرُ
(٣) أَوْرَدَ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ ٢/٧٢
(٤) ب فَقَطْ: وَفِي آيَةٍ.
(٥) عِنْد عِبَارَةِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَفِي أَسْفَلِ الصَّفْحَةِ كَلِمَةُ نَسْخًا تَنْتَهِي نُسْخَةُ (أ) كَمَا أَشَرْتُ إِلَى ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>