للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا نَزَلْ مِنَ الْقُرْآنِ. وَقِيلَ: إِنَّهَا آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٢٨١] ، فَهَلِ اتِّقَاءُ ذَلِكَ هُوَ مُجَرَّدُ تَرْكِ الشِّرْكِ؟ ، وَإِنْ فَعَلَ كُلَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَتَرَكَ كُلَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ؟ وَقَدْ قَالَ طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ وَمَعَ هَذَا كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَنْسُبُهُ إِلَى الْإِرْجَاءِ قَالَ: التَّقْوَى أَنْ تَعْمَلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللَّهِ تَرْجُو رَحْمَةَ اللَّهِ، وَأَنْ تَتْرُكَ مَعْصِيَةَ اللَّهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللَّهِ تَخَافُ عِقَابَ اللَّهِ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَكَوْنُ الْمُتَّقِينَ هُمُ الْأَبْرَارُ الْفَاعِلُونَ (١) لِلْفَرَائِضِ، الْمُجْتَنِبُونَ (٢) لِلْمَحَارِمِ، هُوَ مِنَ الْعِلْمِ الْعَامِّ الَّذِي يَعْرِفُهُ الْمُسْلِمُونَ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ، وَالْقُرْآنُ وَالْأَحَادِيثُ تَقْتَضِي ذَلِكَ (٣) .

قَالَتِ الْمُرْجِئَةُ: أَمَّا احْتِجَاجُكُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} [سُورَةُ السَّجْدَةِ: ١٨] فَلَا يَصِحُّ، لِأَنَّ تَمَامَ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَاسِقِ الْمُكَذِّبُ ; فَإِنَّهُ قَالَ: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [سُورَةُ السَّجْدَةِ: ٢٠] فَقَدْ وَصَفَهُمْ بِالتَّكْذِيبِ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ، وَهَذَا وَصْفُ الْمُكَذِّبِ لَا الْعَاصِي.

وَقَالُوا مَعَ الْجُمْهُورِ لِلْخَوَارِجِ: لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْكَبِيرَةِ كَافِرًا لَكَانَ مُرْتَدًّا وَوَجَبَ قَتْلُهُ. وَاللَّهُ - تَعَالَى - قَدْ أَمَرَ بِجَلْدِ الزَّانِي وَأَمَرَ بِجَلْدِ الْقَاذِفِ وَأَمَرَ


(١) ب فَقَطْ: الْفَاعِلِينَ.
(٢) ب فَقَطْ: الْمُجْتَنِبِينَ.
(٣) تَقْتَضِي ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

<<  <  ج: ص:  >  >>