للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ: " «إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ» " (١) .

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: ٥٩] وَالْآيَاتُ الَّتِي خَوَّفَ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ (٢) تَكُونُ سَبَبًا فِي شَرٍّ يَنْزِلُ بِالنَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى اللَّهَ بِفِعْلِ مَا أَمَرَ بِهِ وُقِيَ ذَلِكَ الشَّرَّ. وَلَوْ كَانَ مِمَّا لَا حَقِيقَةَ لَهُ أَصْلًا لَمْ يَخَفْ أَحَدٌ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا شَرَّ فِي الْبَاطِنِ، وَإِنَّمَا يَبْقَى التَّخْوِيفُ لِلْجَاهِلِ الْفَدْمِ (٣) كَمَا يَفْزَعُ الصِّبْيَانُ بِالْخَيَالِ.

وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: {ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: ١٦] فَخَوَّفَ الْعِبَادَ مُطْلَقًا، وَأَمْرَهُمْ بِتَقْوَاهُ، لِئَلَّا يُنْزِلَ الْمُخَوِّفَ، وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَالْإِنْذَارُ هُوَ الْإِعْلَامُ بِمَا يُخَافُ مِنْهُ، وَقَدْ وُجِدَتِ الْمُخَوِّفَاتُ فِي الدُّنْيَا، وَعَاقَبَ اللَّهُ عَلَى الذُّنُوبِ أُمَمًا كَثِيرَةً، كَمَا قَصَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَكَمَا شُوهِدَ مِنَ الْآيَاتِ، وَأَخْبَرَ عَنْ دُخُولِ أَهْلِ النَّارِ النَّارَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ.

وَقَالَ - تَعَالَى -: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [سُورَةُ فَاطِرٍ: ٢٨] وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا يَتَوَهَّمُهُ الْجَاهِلُ لَكَانَ إِنَّمَا يَخْشَاهُ مِنْ عِبَادِهِ الْجُهَّالُ الَّذِينَ


(١) الْحَدِيثُ بِلَفْظٍ مُقَارِبٍ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي: الْبُخَارِيِّ ٢/٣٦ كِتَابُ الْكُسُوفِ بَابُ يُخَوِّفُ اللَّهُ عِبَادَهُ بِالْكُسُوفِ، مُسْلِمٍ ٢/٦٢٨ كِتَابُ الْكُسُوفِ، بَابُ ذِكْرِ النِّدَاءِ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ بِمَعْنَاهُ عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَبِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي الْكُسُوفِ فِي كُلٍّ مِنَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَفِي مَوَاضِعَ أُخْرَى فِي الْبُخَارِيِّ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيِّ وَالْمُسْنَدِ وَالْمُوَطَّأِ.
(٢) عِبَادَهُ: زِيَادَةٌ فِي (ح) ، (ب) .
(٣) فِي اللِّسَانِ: الْفَدْمُ مِنَ النَّاسِ: الْعَيِيُّ عَنِ الْحُجَّةِ وَالْكَلَامُ مَعَ ثِقَلٍ وَرَخَاوَةٍ وَقِلَّةِ فَهْمٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>