للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْعَكْسِ.

وَأَمَّا الصُّورَةُ الْمُجَرَّدَةُ، سَوَاءٌ كَانَتْ حَسَنَةً مُشْتَهَاةً، كَشَهْوَةِ الرِّجَالِ لِلنِّسَاءِ، وَالنِّسَاءِ لِلرِّجَالِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَهَاةً، فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَا أَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ» " (١) ، وَيُقَالُ: وَلَا إِلَى لِبَاسِكُمْ.

وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا - وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} [سُورَةُ مَرْيَمَ: ٧٣ - ٧٤] ، وَالْأَثَاثُ: اللِّبَاسُ وَالْمَالُ. وَالرِّئْيُ: الْمَنْظَرُ وَالصُّورَةُ.

وَقَالَ - تَعَالَى -[عَنِ الْمُنَافِقِينَ] (٢) : {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ: ٤] ، فَبَيَّنَ أَنَّ لَهُمْ أَجْسَامًا وَمَنَاظِرَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ ابْنُ أُبَيٍّ جَسِيمًا، فَصِيحًا، طَلْقَ (٣) اللِّسَانِ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِحُسْنِ الصُّورَةِ وَإِبَانَةِ الْمَنْطِقِ، ثُمَّ أَبَانَ أَنَّهُمْ فِي عَدَمِ الْفَهْمِ وَالِاسْتِغْفَارِ بِمَنْزِلَةِ الْخُشُبِ الْمُسَنَّدَةِ الْمُمَالَةِ إِلَى الْجِدَارِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَشْجَارٍ تُثْمِرُ (٤) ، [بَلْ هِيَ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ إِلَى


(١) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: مُسْلِمٍ ٤/١٩٨٧ (كِتَابُ الْبِرِّ، بَابُ تَحْرِيمِ ظُلْمِ الْمُسْلِمِ) سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ ٢/١٣٨٨، كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ الْقَنَاعَةِ، " الْمُسْنَدِ " (ط. الْمَعَارِفِ) ١٤/٢٧٧ رَقْمُ ٧٨١٤ (ط. الْحَلَبِيِّ) ٢/٥٣٩
(٢) عَنِ الْمُنَافِقِينَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(٣) و: ذلق
(٤) م: مُثْمِرَةٍ، و: وَثَمَرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>