للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَائِطٍ] (١) ، ثُمَّ عَابَهُمْ بِالْجُبْنِ فَقَالَ: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} أَيْ: لَا يَسْمَعُونَ صَوْتًا إِلَّا ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ أُتُوا، لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الرُّعْبِ أَنْ يَكْشِفَ اللَّهُ أَسْرَارَهُمْ.

فَصَاحِبُ الصُّورَةِ الْجَمِيلَةِ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ، كَانَ اللَّهُ يُبْغِضُهُ وَلَا يُحِبُّهُ لِجَمَالِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُورَتِهِ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قَلْبِهِ وَعَمَلِهِ.

وَيُوسُفُ الصِّدِّيقُ، وَإِنْ كَانَ أَجْمَلَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَفِي الصَّحِيحِ: " «أَنَّهُ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ» " (٢) ، فَلَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ، بَلْ غَيْرُهُ أَفْضَلُ مِنْهُ، كَإِبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ، وَإِسْحَاقَ، وَيَعْقُوبَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَمُحَمَّدٍ، - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - وَيُوسُفُ، وَإِنْ كَانَتْ صُورَتُهُ أَجْمَلَ، فَإِنَّ إِيمَانَ هَؤُلَاءِ وَأَعْمَالَهُمْ كَانَتْ أَفْضَلَ مِنْ إِيمَانِهِ وَعَمَلِهِ، وَهَؤُلَاءِ أُوذُوا عَلَى نَفْسِ الْإِيمَانِ وَالدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ، فَكَانَ الَّذِينَ عَادُوهُمْ مُعَادِينَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَكَانَ صَبْرُهُمْ صَبْرًا عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ


(١) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ر) .
(٢) فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ ١/١٤٥ - ١٤٧ كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِلَفْظِ: أُعْطِيَ يُوسُفُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - شَطْرَ الْحُسْنِ. فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) ٣/٢٨٦ الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ ٢/٥٧٠ وَقَالَ: يُوسُفُ وَأُمُّهُ شَطْرُ الْحُسْنِ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. وَتَكَلَّمَ الْأَلْبَانِيُّ عَلَى الْحَدِيثِ فِي سِلْسِلَةِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ٣/٤٧٠ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>