للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْإِغْمَاءِ، لَمْ يَكُنْ مُؤَاخَذًا بِمَا يَصْدُرُ عَنْهُ فِي حَالِ عَدَمِ التَّكْلِيفِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا مِنْ ضَعْفِ الْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ.

وَأَمَّا الْفَنَاءُ الَّذِي يَذْكُرُهُ صَاحِبُ " الْمَنَازِلِ " فَهُوَ الْفَنَاءُ فِي تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، لَا فِي تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ (١) ، وَهُوَ يُثْبِتُ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ مَعَ نَفْيِ الْأَسْبَابِ وَالْحُكْمِ، كَمَا هُوَ قَوْلُ الْقَدَرِيَّةِ الْمُجْبِرَةِ (٢) ، كَالْجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ وَمَنِ اتَّبَعَهُ، وَالْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ.

وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ (٣) ، وَإِنْ كَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ مُبَايَنَةً لِلْجَهْمَيَّةِ فِي الصِّفَاتِ، وَقَدْ صَنَّفَ كِتَابَهُ " الْفَارُوقُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُثْبِتَةِ وَالْمُعَطَّلَةِ " (٤) وَصَنَّفَ كِتَابَ " تَكْفِيرُ الْجَهْمِيَّةِ " (٥) وَصَنَّفَ كِتَابَ " ذَمُّ الْكَلَامِ وَأَهْلِهِ " (٦) ، وَزَادَ فِي هَذَا الْبَابِ حَتَّى صَارَ يُوصَفُ بِالْغُلُوِّ فِي الْإِثْبَاتِ لِلصِّفَاتِ، لَكِنَّهُ فِي الْقَدَرِ عَلَى رَأْيِ الْجَهْمِيَّةِ، نُفَاةُ الْحِكَمِ وَالْأَسْبَابِ.


(١) ن، م: الْأُلُوهِيَّةِ.
(٢) ح، ب: الْقُدْرَةِ وَالْمُجْبِرَةِ.
(٣) وَيَقْصِدُ بِهِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ أَبَا إِسْمَاعِيلَ الْهَرَوِيَّ الْأَنْصَارِيَّ صَاحِبُ مُنَازِلِ السَّائِرِينَ
(٤) و: الْفَارُوقُ بَيْنَ الْمُثْبِتَةِ. . وَذَكَرَ مُحَمَّدْ سَعِيدْ الْأَفْغَانِيُّ هَذَا الْكِتَابَ فِي كِتَابِهِ عَنِ الْهَرَوِيِّ وَقَالَ (ص ١٠٢) " ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي ص ٥١ مِنْ كِتَابِهِ " الذَّيْلُ عَلَى طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ " وَأَيْضًا أَشَارَ إِلَيْهِ إِسْمَاعِيلُ بَاشَا (الْمُجَلَّدُ الْأَوَّلُ ص ٤٥٢) وَالْعَلَّامَةُ السُّبْكِيُّ (طَبَقَاتُ الشَّافِعِيَّةِ ج [٠ - ٩] ص [٠ - ٩] ٢٠)
(٥) ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ الْأَنْصَارِيُّ فِي كِتَابِهِ " ذَمُّ الْكَلَامِ وَأَهْلِهِ " (انْظُرْ كِتَابَ الْأَفْغَانِيِّ ص ١٠٥)
(٦) ذَكَرَهُ مُحَمَّدْ سَعِيدْ الْأَفْغَانِيُّ فِي كِتَابِهِ (ص ١٠٤ - ١٠٥) وَأَشَارَ إِلَى وُجُودِ نُسَخٍ خَطِّيَّةٍ مِنْهُ فِي الْمَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ وَفِي مَكْتَبِ الْمَتْحَفِ الْبِرِيطَانِيِّ بِلُنْدَنَ وَفِي مَعْهَدِ الْإِلَهِيَّاتِ بِأَنْقِرَةَ كَمَا أَنَّ مِنْهُ نُسْخَةً مُصَوَّرَةً فِي مَعْهَدِ الْمَخْطُوطَاتِ بِالْجَامِعَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَقَدْ لَخَّصَهُ السُّيُوطِيُّ فِي كِتَابِهِ: " صَوْنُ الْمَنْطِقِ وَالْكَلَامِ ". وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ نُصُوصًا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فِي " دَرْءِ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ " ٢/٨٢ - ٨٣ ٧/١٨٥

<<  <  ج: ص:  >  >>