للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَافَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ لَهُ: " كَلَّا وَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتُقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينَ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ " (١) ، وَكَانَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ خَدِيجَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَعْقَلُ وَأَعْلَمُ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ، حَيْثُ رَأَتْ أَنَّ مَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأَخْلَاقِ الشَّرِيفَةِ، الْمُتَضَمِّنَةِ لِعَدْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، لَا يُخْزِيهِ اللَّهُ فَإِنَّ حِكْمَةَ الرَّبِّ تَأْبَى ذَلِكَ.

وَهَؤُلَاءِ عِنْدَهُمْ هَذَا لَا يَعْلَمُ، بَلْ قَدْ يُخْزِي مَنْ يَكُونُ كَذَلِكَ، وَقَدْ يُنَبَّأُ شَرُّ النَّاسِ، كَأَبِي جَهْلٍ وَغَيْرِهِ، وَلِهَذَا أَنْكَرَ الْمَازِرِيُّ (٢) وَغَيْرُهُ عَلَى خَدِيجَةَ، كَمَا أَنْكَرُوا عَلَى هِرَقْلَ اسْتِدْلَالَهُ بِمَا اسْتَدَلَّ بِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ الْمَشْهُورِ لَمَّا سَأَلَ عَنْ صِفَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (٣) .


(١) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٢/٤١٩ - ٤٢٠
(٢) ح، ر، ي: الْمَازِنِيُّ، وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ التَّمِيمِيُّ الْمَازِرِيُّ، مُحَدِّثٌ وَمِنْ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ، يُنْسَبُ إِلَى مَازِرَ بِجَزِيرَةِ صِقِلِّيَةَ، وُلِدَ سَنَةَ ٤٥٣ هـ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ٥٣٦ هـ، وَلَهُ كِتَابُ " الْكَشْفِ وَالْإِنْبَاءِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْإِحْيَاءِ لِلْغَزَالِيِّ "، انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ ٣/٤١٣ الدِّيبَاجِ الْمُذَهَّبِ لِابْنِ فَرْحُونَ ص ٢٧٩ - ٢٨١ شَذَرَاتِ الذَّهَبِ ٤/١١٤ الْعِبَرِ ٤/١٠٠ - ١٠١، الْأَعْلَامِ ٧/١٦٤، وَانْظُرْ سِيرَةَ الْغَزَالِيِّ ص ٧٢ - ٧٣ - ٧٩ - ٨١، ١٠٩ - ١١٠، ١١٢ - ١٢١
(٣) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٤/٤٣٤ وَقَدْ جَاءَ حَدِيثُ هِرَقْلَ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْهَا: ١/٤ - ٦ (كِتَابُ بَدْءِ الْوَحْيِ بَابٌ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ) ، انْظُرِ الْمَوَاضِعَ الْأُخْرَى فِي طَبْعَةِ د. الْبُغَا فِي الْأَرْقَامِ ٥١، ٢٥٣٥، ٢٦٥٠، ٢٧٣٨، ٢٧٧٨، إِلَخْ، وَالْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ ٣/١٣٩٣ - ١٣٩٧ (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ. .) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ٤/١١٠ - ١١٤ وَقَالَ أَحْمَدُ شَاكِر رَحِمَهُ اللَّهُ (ص ١١٠) : " وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْمَغَازِي وَأَبُو دَاوُدَ فِي الْأَدَبِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الِاسْتِئْذَانِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ ابْنُ مَاجَهْ، كَمَا قَالَ الْقَسْطَلَانِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ ١/٧٠ "

<<  <  ج: ص:  >  >>