للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَفْلَاكِ. وَقَدْ يُرَجِّحُ (١) هَذَا الْقَوْلَ فِي تَفْسِيرِهِ (٢) ، وَيَجْزِمُ بِفَسَادِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.

وَهَذَا الْقَوْلُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَا التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَلَا أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ، [بَلْ سَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ] (٣) مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَطَرَ نَزَلَ مِنَ السَّحَابِ.

وَلَفْظُ " السَّمَاءِ " فِي اللُّغَةِ وَالْقُرْآنِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا عَلَا، فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ لِلْعَالِي، لَا يَتَعَيَّنُ فِي شَيْءٍ إِلَّا بِمَا يُضَافُ إِلَى ذَلِكَ.

وَقَدْ قَالَ: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ} [سُورَةُ الْحَجِّ: ١٥] ، وَقَالَ: {الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: ٩٩] ، وَقَالَ: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [سُورَةُ تَبَارَكَ: ١٦] ، وَالْمُرَادُ بِالْجَمِيعِ الْعُلُوُّ، ثُمَّ يَتَعَيَّنُ هُنَا بِالسَّقْفِ وَنَحْوِهِ، وَهُنَا (٤) بِالسَّحَابِ، وَهُنَاكَ بِمَا فَوْقَ الْعَالَمِ كُلِّهِ.

فَقَوْلُهُ: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: ٩٩] أَيْ مِنَ الْعُلُوِّ، مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ جِسْمٍ مُعَيَّنٍ. لَكِنْ قَدْ صَرَّحَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِنُزُولِهِ مِنَ السَّحَابِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ - أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} [سُورَةُ الْوَاقِعَةِ: ٦٨ - ٦٩] وَالْمُزْنُ: السَّحَابُ.


(١) ن، م: رَجَّحَ.
(٢) انْظُرْ مَثَلًا تَفْسِيرَ الرَّازِيِّ ٤/٢٢٣
(٣) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .
(٤) ب: وَهُنَاكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>