للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سِيَاسَةِ الْأَوَّلِ، ظَهَرَ ذَلِكَ (١) . النَّقْصُ ظُهُورًا بَيِّنًا، وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ حَالِ الْوُلَاةِ إِذَا تَوَلَّى مَلِكٌ بَعْدَ مَلِكٍ، أَوْ قَاضٍ بَعْدَ قَاضٍ، أَوْ شَيْخٌ بَعْدَ شَيْخٍ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ ; فَإِنَّ الثَّانِي إِذَا كَانَ نَاقِصَ الْوَلَايَةِ نَقْصًا بَيِّنًا ظَهَرَ ذَلِكَ فِيهِ، وَتَغَيَّرَتِ الْأُمُورُ الَّتِي كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ نَظَّمَهَا وَأَلَّفَهَا، ثُمَّ الصِّدِّيقُ تَوَلَّى بَعْدَ أَكْمَلِ الْخَلْقِ سِيَاسَةً، فَلَمْ يَظْهَرْ فِي الْإِسْلَامِ نَقْصٌ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، بَلْ قَاتَلَ الْمُرْتَدِّينَ حَتَّى عَادَ الْأَمْرُ إِلَى مَا كَانَ [عَلَيْهِ] (٢) ، وَأَدْخَلَ النَّاسَ فِي الْبَابِ الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ، ثُمَّ شَرَعَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَعَلَّمَ الْأُمَّةَ مَا خَفِيَ عَلَيْهِمْ، وَقَوَّاهُمْ لَمَّا ضَعُفُوا، وَشَجَّعَهُمْ لَمَّا جَبُنُوا، وَسَارَ فِيهِمْ سِيرَةً تُوجِبُ صَلَاحَ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، فَأَصْلَحَ اللَّهُ بِسَبَبِهِ الْأُمَّةَ فِي عِلْمِهِمْ، وَقُدْرَتِهِمْ وَدِينِهِمْ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا حَفِظَ اللَّهُ بِهِ عَلَى الْأُمَّةِ دِينَهَا، وَهَذَا مِمَّا يُحَقِّقُ أَنَّهُ أَحَقُّ النَّاسِ بِخِلَافَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَأَمَّا قَوْلُ الرَّافِضِيِّ: " لَمْ يَعْرِفْ حُكْمَ الْكَلَالَةِ حَتَّى قَالَ فِيهَا بِرَأْيهِ ".

فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ عِلْمِهِ ; فَإِنَّ هَذَا الرَّأْيَ الَّذِي رَآهُ فِي الْكَلَالَةِ قَدِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ بَعْدَهُ، فَإِنَّهُمْ أَخَذُوا فِي الْكَلَالَةِ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ، وَالْقَوْلُ بِالرَّأْيِ هُوَ مَعْرُوفٌ عَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ، كَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، لَكِنَّ الرَّأْيَ الْمُوَافِقَ لِلْحَقِّ هُوَ الَّذِي يَكُونُ لِصَاحِبِهِ


(١) ح، ب: ظَهَرَ لَكَ
(٢) عَلَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (ح) ، (ر) ، (ي) .

<<  <  ج: ص:  >  >>