للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجْرَانِ، كَرَأْيِ الصِّدِّيقِ، فَإِنَّ هَذَا خَيْرٌ مِنَ الرَّأْيِ الَّذِي غَايَةُ صَاحِبِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ.

وَقَدْ قَالَ قَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ لِعَلِيٍّ: أَرَأَيْتَ مَسِيرَكَ هَذَا: أَلِعَهْدٍ عَهِدَهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْ رَأْيٌ رَأَيْتَهُ؟ فَقَالَ: بَلْ رَأْيٌ رَأَيْتُهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ (١) . .

فَإِذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا الرَّأْيِ الَّذِي حَصَلَ بِهِ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ مَا حَصَلَ، لَا يَمْنَعُ صَاحِبَهُ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا، فَكَيْفَ بِذَلِكَ الرَّأْيِ الَّذِي اتَّفَقَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى حُسْنِهِ.

وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَضَائِهِ فِي الْجَدِّ (٢) . بِسَبْعِينَ قَضِيَّةً، فَهَذَا كَذِبٌ. وَلَيْسَ هُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ، وَلَا نُقِلَ هَذَا عَنْ [أَبِي بَكْرٍ] (٣) ، بَلْ نَقْلُ هَذَا عَنْ أَبِي


(١) جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ مَرَّتَيْنِ فِي: مُسْلِمٍ ٤/٢١٤٣ - ٢١٤٤ (كِتَابُ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَأَحْكَامِهِمْ، أَوَّلَ الْكِتَابِ الْحَدِيثَانِ رَقْمُ ٩، ١٠) ، وَنَصُّ الرِّوَايَةِ الْأُولَى: قُلْتُ لِعَمَّارٍ أَرَأَيْتُمْ صَنِيعَكُمْ هَذَا الَّذِي صَنَعْتُمْ فِي أَمْرِ عَلِيٍّ، أَرَأْيًا رَأَيْتُمُوهُ أَوْ شَيْئًا عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَلَكِنَّ حُذَيْفَةَ أَخْبَرَنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فِي أَصْحَابِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا، فِيهِمْ ثَمَانِيَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ، ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدُّبَيْلَةُ وَأَرْبَعَةٌ " لَمْ أَحْفَظْ مَا قَالَ شُعْبَةُ فِيهِمْ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُسْلِمٍ ١٧/١٢٥: أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فِي أَصْحَابِي " فَمَعْنَاهُ الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إِلَى صُحْبَتِي، كَمَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: " فِي أُمَّتِي " وَسَمُّ الْخَيَّاطِ بِفْتَحِ السِّينَ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا، الْفَتْحُ أَشْهَرُ، وَبِهِ قَرَأَ الْقُرَّاءُ السَّبْعَةُ، وَهُوَ ثُقْبُ الْإِبْرَةِ، وَأَمَّا الدُّبَيْلَةُ فَبِدَالٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ، وَقَدْ فَسَّرَهَا فِي الْحَدِيثِ بِسِرَاجٍ مِنْ نَارٍ. . " وَجَاءَ الْحَدِيثُ مُخْتَصَرًا كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ هُنَا فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ٤/٣٠٠ (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ فِي الْفِتْنَةِ)
(٢) ن: الْحَدِيثَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ
(٣) ن، م: عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>