للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَكْرٍ يَدُلُّ عَلَى غَايَةِ جَهْلِ هَؤُلَاءِ الرَّوَافِضِ وَكَذِبِهِمْ، وَلَكِنْ نَقَلَ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَضَى فِي الْجَدِّ بِسَبْعِينَ قَضِيَّةً، وَمَعَ هَذَا هُوَ بَاطِلٌ (١) ، عَنْ عُمَرَ فَإِنَّهُ لَمْ يَمُتْ فِي خِلَافَتِهِ سَبْعُونَ جَدًّا كُلٌّ مِنْهُمْ كَانَ لِابْنِ ابْنِهِ إِخْوَةٌ، وَكَانَتْ تِلْكَ الْوَقَائِعُ تَحْتَمِلُ سَبْعِينَ قَوْلًا مُخْتَلِفَةً، بَلْ هَذَا الِاخْتِلَافُ لَا يَحْتَمِلُهُ كُلُّ جَدٍّ فِي الْعَالَمِ (٢) .، فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ.

وَأَمَّا مَذْهَبُ أَبِي بَكْرٍ فِي الْجَدِّ، فَإِنَّهُ جَعَلَهُ أَبًا، وَهُوَ قَوْلُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ [كَأَبِي حَنِيفَةَ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، كَأَبِي حَفْصٍ الْبَرْمَكِيِّ، وَيُذْكَرُ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ] (٣) . كَمَا تَقَدَّمَ (٤) .، وَهُوَ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ فِي الدَّلِيلِ.

وَلِهَذَا يُقَالُ: لَا يُعْرَفُ لِأَبِي بَكْرٍ خَطَأٌ فِي الْفُتْيَا، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ ; فَإِنَّ قَوْلَهُ (٥) فِي الْجَدِّ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ، وَالَّذِينَ وَرَّثُوا الْإِخْوَةَ مَعَ الْجَدِّ، وَهُمْ عَلِيٌّ، وَزَيْدٌ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَعُمَرُ، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، تَفَرَّقُوا فِي ذَلِكَ. وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى قَوْلِ زَيْدٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، فَالْفُقَهَاءُ فِي الْجَدِّ: إِمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَإِمَّا عَلَى قَوْلِ زَيْدٍ الَّذِي أَمْضَاهُ عُمَرُ. وَلَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْفُتْيَا إِلَى قَوْلِ عَلِيٍّ فِي الْجَدِّ، وَذَلِكَ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ; فَإِنَّ زَيْدًا قَاضِي عُمَرَ، مَعَ أَنَّ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ أَرْجَحُ مِنْ قَوْلِ زِيدٍ.


(١) ن، م، ي: مَعَ أَنَّ هَذَا بَاطِلٌ، ر: مَعَ هَذَا بَاطِلٌ.
(٢) ن، م: فِي الْعِلْمِ
(٣) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ب)
(٤) عِبَارَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي (ن) ، (م) ، (ب) فَقَطْ
(٥) ح: قَوْلَهُمْ، وَهُوَ خَطَأٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>