للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ لَمْ يَبْلُغِ [الْحُلُمَ] (١) وَقَتَلَهُ لِدَفْعِ صَوْلِهِ عَلَى أَبَوَيْهِ بِأَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا.

وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَالْمَجْنُونِ حَتَّى يَفِيقَ، وَالنَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ» " (٢) ، إِنَّمَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْمَأْثَمِ لَا رَفْعَ الضَّمَانِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَوْ أَتْلَفُوا نَفْسًا أَوْ مَالًا ضَمِنُوهُ، وَأَمَّا رَفْعُ الْعُقُوبَةِ إِذَا سَرَقَ أَحَدُهُمَا أَوْ زَنَى أَوْ قَطَعَ الطَّرِيقَ، فَهَذَا عِلْمٌ بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ بِمُجَرَّدِ هَذَا الْحَدِيثِ.

وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَجْنُونَ وَالصَّغِيرَ الَّذِي لَيْسَ بِمُمَيَّزٍ لَيْسَ عَلَيْهِ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ، وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْحُقُوقِ فِي أَمْوَالِهِمْ كَالنَّفَقَاتِ وَالْأَثْمَانِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الزَّكَاةِ؛ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ - كَأَبِي حَنِيفَةَ -: إِنَّهَا لَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى مُكَلَّفٍ كَالصَّلَاةِ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ - كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ -: بَلِ الزَّكَاةُ مِنَ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ كَالْعُشْرِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ.

فَإِذَا كَانَ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ قَدْ تَشْتَبِهُ بَعْضُ الْوَاجِبَاتِ: هَلْ تَجِبُ فِي مَالِهِ أَمْ لَا؟ فَكَذَلِكَ بَعْضُ الْعُقُوبَاتِ قَدْ تُشْتَبَهُ: هَلْ يُعَاقَبُ بِهَا أَمْ لَا؟ لِأَنَّ مِنَ الْوَاجِبَاتِ مَا يَجِبُ فِي ذِمَّتِهِ بِالِاتِّفَاقِ، [وَمِنْهَا مَا لَا يَجِبُ فِي ذِمَّتِهِ بِالِاتِّفَاقِ] (٣) وَبَعْضُهَا يَشْتَبِهُ: هَلْ هُوَ مِنْ هَذَا أَوْ هَذَا؟


(١) الْحُلُمَ: زِيَادَةٌ فِي (ر) ، (ي) .
(٢) انْظُرْ كَلَامِي قَبْلَ صَفَحَاتٍ ص ٤٥
(٣) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .

<<  <  ج: ص:  >  >>