للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى خِلَافِ النَّصِّ، فَكَانَ حَالُهُ أَكْمَلَ مِنْ حَالِ مَنِ اسْتَقَرَّ قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ النَّصِّ (١) ، وَإِذَا كَانَ الصَّدَاقُ فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مُقَدَّرًا بِالشَّرْعِ، كَالزَّكَاةِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلِهَذَا ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ إِلَى أَنَّ أَقَلَّهُ مُقَدَّرٌ (٢) بِنِصَابِ السَّرِقَةِ، وَإِذَا جَازَ تَقْدِيرُ أَقَلِّهِ جَازَ تَقْدِيرُ أَكْثَرِهِ، وَإِذَا كَانَ مُقَدَّرًا اعْتُبِرَ بِالسُّنَّةِ، فَلَمْ يَتَجَاوَزْ بِهِ مَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نِسَائِهِ وَبَنَاتِهِ.

وَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ هَذَا لَا يَسُوغُ، كَانَتْ (٣) قَدْ بُذِلَتْ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا، فَلَا يُعْطَاهَا الْبَاذِلُ لِحُصُولِ مَقْصُودِهِ، وَلَا الْآخِذُ لِكَوْنِهِ [لَا] (٤) يَسْتَحِقُّهَا، فَتُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، كَمَا تَقُولُهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ: إِنَّ الْمُتَّجِرَ بِمَالِ غَيْرِهِ يَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ، وَكَمَا يَقُولُهُ مُحَقِّقُو الْفُقَهَاءِ فِيمَنْ بَاعَ سِلَاحًا فِي الْفِتْنَةِ، أَوْ عَصِيرًا أَوْ عِنَبًا لِلْخَمْرِ: إِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ.

فَفِي الْجُمْلَةِ عُمَرُ لَوْ نَفَذَ اجْتِهَادُهُ لَمْ يَكُنْ أَضْعَفَ مِنْ كَثِيرٍ مِنِ اجْتِهَادِ غَيْرِهِ الَّذِي أَنْفَذَهُ، وَكَيْفَ لَمْ يُنْفِذْهُ؟ !

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: ٢٠] يَتَأَوَّلُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مَا هُوَ أَصْرَحُ مِنْهَا، بِأَنْ يَقُولُوا: هَذَا قِيلَ لِلْمُبَالَغَةِ، كَمَا قَالُوا فِي


(١) سَاقِطٌ مِنْ (ح) .
(٢) ن: يُقَدَّرُ.
(٣) ح، ب: لَا يَسُوغُ فَإِنْ كَانَتْ.
(٤) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>