للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» " (١) ، أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ، فَإِذَا كَانَ الْمُقَدِّرُونَ لِأَدْنَاهُ يَتَأَوَّلُونَ مِثْلَ هَذَا، جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمُقَدَّرُ لِأَعْلَاهُ يَتَأَوَّلُ مِثْلَ هَذَا.

وَإِذَا كَانَ فِي هَذَا مَنْعٌ لِلْمَرْأَةِ الْمُسْتَحِقَّةِ، فَكَذَلِكَ مَنَعَ الْمُفَوَّضَةَ الْمَهْرَ (٢) الَّذِي اسْتَحَقَّتْهُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَا سِيَّمَا وَالْمُزَوَّجَةُ بِلَا تَسْمِيَةٍ لَمْ تُغَالِ فِي الصَّدَاقِ، وَعُمَرُ مَعَ هَذَا لَمْ يُصِرَّ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ رَجَعَ إِلَى الْحَقِّ.

فَعَلِمَ أَنَّ تَأْيِيدَ اللَّهِ لَهُ وَهِدَايَتَهُ إِيَّاهُ أَعْظَمُ مِنْ تَأْيِيدِهِ لِغَيْرِهِ وَهِدَايَتِهِ إِيَّاهُ، وَأَنَّ أَقْوَالَهُ الضَّعِيفَةَ الَّتِي رَجَعَ عَنْهَا وَلَمْ يُصِرَّ عَلَيْهَا خَيْرٌ مِنْ أَقْوَالِ غَيْرِهِ الضَّعِيفَةِ الَّتِي لَمْ يَرْجِعْ عَنْهَا.


(١) هَذِهِ الْعِبَارَةُ وَرَدَتْ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُخَارِيِّ ٧/٦ - ٧ كِتَابِ النِّكَاحِ بَابِ تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ، وَأَوَّلُهُ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُ أَهَبُ لَكَ نَفْسِي، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَعِدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةً فَزَوِّجْنِيهَا، فَقَالَ: وَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا؟ فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا، فَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ. . . . الْحَدِيثَ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ أُخْرَى مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَفِي كِتَابِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَكِتَابِ اللِّبَاسِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، انْظُرْ بَعْضَ رِوَايَاتِهِ فِي طَبْعَةِ د. الْبَغَا الْأَرْقَامَ ٢١٨٦، ٤٧٩٩، ٤٨٣٣، ٤٨٤٢، ٤٨٤٧، ٤٨٥٤، ٤٨٥٥ وَالْحَدِيثُ فِي: مُسْلِمٍ ٢/١٠٤٠ - ١٠٤١ كِتَابِ النِّكَاحِ، بَابِ الصَّدَاقِ، وَجَوَازُ كَوْنِهِ تَعْلِيمَ قُرْآنٍ وَخَاتَمَ حَدِيدٍ، وَالْحَدِيثُ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَالدَّارِمِيِّ وَالْمُوَطَّأِ وَالْمُسْنَدِ.
(٢) الْمَهْرَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ر) ، وَفِي (ن) ، (م) : الْمُمَيَّزَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>