للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجَهْمِيَّةُ كَانُوا يَقُولُونَ: قَوْلُنَا: إِنَّهُ يَتَكَلَّمُ هُوَ (١) مَجَازٌ. وَالْمُعْتَزِلَةُ قَالُوا: إِنَّهُ (٢) مُتَكَلِّمٌ حَقِيقَةً، لَكِنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ. فَكَانَ أَصْلُ هَؤُلَاءِ هُوَ (٣) الْمَادَّةُ الَّتِي تَشَعَّبَتْ عَنْهَا هَذِهِ الْبِدَعُ، فَجَاءَ ابْنُ كُلَّابٍ بَعْدَ هَؤُلَاءِ لَمَّا ظَهَرَتِ الْمِحْنَةُ الْمَشْهُورَةُ، وَامْتُحِنَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ [بْنُ حَنْبَلٍ] (٤) وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، وَثَبَّتَ اللَّهُ الْإِمَامَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَجَرَتْ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ [مَعْرُوفَةٌ] (٥) ، وَانْتَشَرَ بَيْنَ الْأُمَّةِ النِّزَاعُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، قَامَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كُلَّابٍ الْبَصْرِيُّ، وَصَنَّفَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ مُصَنَّفَاتٍ، وَبَيَّنَ تَنَاقُضَهُمْ [فِيهَا] (٦) ، وَكَشَفَ كَثِيرًا مِنْ عَوْرَاتِهِمْ، لَكِنْ سَلَّمَ لَهُمْ ذَلِكَ الْأَصْلَ الَّذِي هُوَ يَنْبُوعُ الْبِدَعِ، فَاحْتَاجَ لِذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ الرَّبَّ لَا تَقُومُ بِهِ الْأُمُورُ الِاخْتِيَارِيَّةُ، وَلَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَلَا نَادَى مُوسَى حِينَ جَاءَ الطُّورَ، بَلْ وَلَا يَقُومُ بِهِ نِدَاءٌ حَقِيقِيٌّ، وَلَا يَكُونُ [إِيمَانُ] (٧) الْعِبَادِ وَعَمَلُهُمُ الصَّالِحُ هُوَ السَّبَبُ فِي رِضَاهُ وَمَحَبَّتِهِ، وَلَا كُفْرِهِمْ هُوَ السَّبَبُ فِي سُخْطِهِ وَغَضَبِهِ، فَلَا يَكُونُ بَعْدَ أَعْمَالِهِمْ لَا حُبَّ وَلَا رِضَا وَلَا سُخْطَ وَلَا فَرَحَ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا أَخْبَرَتْ بِهِ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: ٣١]


(١) هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(٢) ن، م: قَالُوا هُوَ.
(٣) هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(٤) ابْنُ حَنْبَلٍ: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .
(٥) مَعْرُوفَةٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٦) فِيهَا: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .
(٧) إِيمَانُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>