للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَوَادِثَ، فَيَنْتَقِضُ الْأَصْلُ الَّذِي أَصَّلُوهُ، وَهُوَ أَنَّ الْأَجْسَامَ لَا تَخْلُو (١) عَنِ الْحَوَادِثِ.

وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي أَصَّلَهُ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ وَهِشَامُ بْنُ سَالِمٍ (٢) الْجَوَالِيقِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْمُجَسِّمَةِ الرَّافِضَةِ وَغَيْرِ الرَّافِضَةِ (٣) كَالْكَرَّامِيَّةِ، فَقَالُوا: بَلْ يَجُوزُ ثُبُوتُ جِسْمٍ قَدِيمٍ [أَزَلِيٍّ] (٤) لَا أَوَّلَ لِوُجُودِهِ، وَهُوَ خَالٍ عَنْ جَمِيعِ الْحَوَادِثِ. وَهَؤُلَاءِ عِنْدَهُمُ الْجِسْمُ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ يَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ، وَأَمَّا الْأَجْسَامُ الْمَخْلُوقَةُ فَلَا تَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ، وَيَقُولُونَ: مَا لَا يَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ، لَكِنْ لَا (٥) يَقُولُونَ: إِنَّ كُلَّ جِسْمٍ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ.

ثُمَّ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْجَهْمِيَّةَ أَصْحَابُ هَذَا الْأَصْلِ الْمُبْتَدَعِ احْتَاجُوا أَنْ يَلْتَزِمُوا طَرْدَ هَذَا الْأَصْلِ فَقَالُوا: إِنَّ الرَّبَّ لَا تَقُومُ بِهِ الصِّفَاتُ وَلَا الْأَفْعَالُ (٦) فَإِنَّهَا أَعْرَاضٌ وَحَوَادِثُ، وَهَذِهِ لَا تَقُومُ إِلَّا بِجِسْمٍ، وَالْأَجْسَامُ مُحْدَثَةٌ، فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَقُومَ بِالرَّبِّ عِلْمٌ وَلَا قُدْرَةٌ وَلَا كَلَامٌ وَلَا مَشِيئَةٌ وَلَا رَحْمَةٌ وَلَا رِضًا وَلَا غَضَبٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ، بَلْ جَمِيعُ (٧) مَا يُوصَفُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ مَخْلُوقٌ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ.


(١) ن، م: الْجِسْمُ لَا يَخْلُو.
(٢) ن (فَقَطْ) : بْنُ مَالِكٍ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٣) ن، م: الرَّافِضَةُ وَغَيْرُهُمْ.
(٤) أَزَلِيٍّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٥) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(٦) ب (فَقَطْ) : الصِّفَاتُ وَالْأَفْعَالُ.
(٧) جَمِيعُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>