للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَعْدٌ، وَإِنْ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، فَلَيْسَ هُوَ مَعْصُومًا، بَلْ لَهُ ذُنُوبٌ يَغْفِرُهَا اللَّهُ، وَقَدْ (١) عَرَفَ الْمُسْلِمُونَ بَعْضَهَا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ.

فَمَا ذَكَرَهُ الشَّهْرَسْتَانِيُّ مِنْ أَنَّ الْأَنْصَارَ اتَّفَقُوا عَلَى تَقْدِيمِهِمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ هُوَ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالنَّقْلِ، وَالْأَحَادِيثُ الثَّابِتَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ. وَهُوَ وَأَمْثَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدُوا الْكَذِبَ لَكِنْ يَنْقُلُونَ مِنْ كُتُبِ مَنْ يَنْقُلُ عَمَّنْ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ: إِنَّ عَلِيًّا كَانَ مَشْغُولًا بِمَا أَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ دَفْنِهِ وَتَجْهِيزِهِ وَمُلَازَمَةِ قَبْرِهِ، فَكَذِبٌ ظَاهِرٌ، وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِمَا يَدَّعُونَهُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُدْفَنْ إِلَّا بِاللَّيْلِ، لَمْ يُدْفَنْ بِالنَّهَارِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ إِنَّمَا دُفِنَ مِنَ اللَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ، وَلَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا بِمُلَازَمَةِ قَبْرِهِ، وَلَا لَازَمَ عَلِيٌّ قَبْرَهُ، بَلْ قُبِرَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، وَعَلِيٌّ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا.

ثُمَّ كَيْفَ يَأْمُرُ بِمُلَازَمَةِ قَبْرِهِ، وَقَدْ أَمَرَ - بِزَعْمِهِمْ - أَنْ يَكُونَ إِمَامًا بَعْدَهُ؟ وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِتَجْهِيزِهِ عَلِيٌّ وَحْدَهُ، بَلْ عَلِيٌّ، وَالْعَبَّاسُ، وَبَنُو الْعَبَّاسِ، وَمَوْلَاهُ شُقْرَانُ، وَبَعْضُ الْأَنْصَارِ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَغَيْرُهُمَا عَلَى بَابِ الْبَيْتِ حَاضِرِينَ غُسْلَهُ وَتَجْهِيزَهُ، لَمْ يَكُونُوا حِينَئِذٍ فِي بَنِي سَاعِدَةَ. لَكِنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَتَوَلَّى الْمَيِّتَ أَهْلُهُ، فَتَوَلَّى أَهْلُهُ غُسْلَهُ وَأَخَّرُوا دَفْنَهُ لِيُصَلِّيَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ (٢) ، فَإِنَّهُمْ صَلَّوْا عَلَيْهِ أَفْرَادًا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ،


(١) ن، م: اللَّهُ قَدْ.
(٢) ب: لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>