للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ: خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَلَمْ يَتَّسِعْ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ لِذَلِكَ مَعَ تَغْسِيلِهِ وَتَكْفِينِهِ، بَلْ صَلَّوْا عَلَيْهِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءَ، وَدُفِنَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ.

وَأَيْضًا فَالْقِتَالُ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ عَلِيٍّ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْإِمَامَةِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ وَالنَّهْرَوَانِ لَمْ يُقَاتِلُوا عَلَى نَصْبِ إِمَامٍ غَيْرِ عَلِيٍّ، وَلَا كَانَ مُعَاوِيَةُ يَقُولُ: أَنَا (١) الْإِمَامُ دُونَ عَلِيٍّ، وَلَا قَالَ ذَلِكَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ.

فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِمَّنْ قَاتَلَ عَلِيًّا قَبْلَ الْحَكَمَيْنِ (٢) نَصَبَ إِمَامًا يُقَاتِلُ عَلَى طَاعَتِهِ، فَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْقِتَالِ عَلَى قَاعِدَةٍ مِنْ قَوَاعِدِ الْإِمَامَةِ الْمُنَازَعِ فِيهَا، لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُقَاتِلِينَ يُقَاتِلُ طَعْنًا فِي خِلَافَةِ (٣) الثَّلَاثَةِ، وَلَا ادِّعَاءً لِلنَّصِّ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَلَا طَعْنًا فِي جَوَازِ خِلَافَةِ عَلِيٍّ.

فَالْأَمْرُ الَّذِي تَنَازَعَ فِيهِ النَّاسُ مِنْ أَمْرِ الْإِمَامَةِ، كَنِزَاعِ الرَّافِضَةِ وَالْخَوَارِجِ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَلَمْ يُقَاتِلْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَصْلًا، وَلَا قَالَ أَحَدٌ مِنْهُمْ: إِنَّ الْإِمَامَ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ هُوَ عَلِيٌّ، وَلَا قَالَ: إِنَّ الثَّلَاثَةَ كَانَتْ إِمَامَتُهُمْ بَاطِلَةٌ، وَلَا قَالَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِنَّ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَكُلَّ مَنْ وَالَاهُمَا كَافِرٌ.

فَدَعْوَى الْمُدَّعِي أَنَّ أَوَّلَ سَيْفٍ سُلَّ بَيْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ كَانَ مَسْلُولًا عَلَى قَوَاعِدِ الْإِمَامَةِ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا النَّاسُ، دَعْوَى كَاذِبَةٌ ظَاهِرَةُ الْكَذِبِ، يُعْرَفُ كَذِبُهَا بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ، مَعَ الْعِلْمِ بِمَا وَقَعَ.


(١) ب: إِنَّهُ.
(٢) ب: الْمُحَكِّمَيْنِ.
(٣) ب: إِمَامَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>