للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا كَانَ الْقِتَالُ قِتَالُ (١) فِتْنَةٍ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَعِنْدَ كَثِيرٍ مِنْهُمْ هُوَ (٢) مِنْ بَابِ قِتَالِ أَهْلِ الْعَذْلِ (٣) وَالْبَغْيِ، وَهُوَ الْقِتَالُ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ لِطَاعَةِ غَيْرِ (٤) الْإِمَامِ لَا عَلَى قَاعِدَةٍ دِينِيَّةٍ.

وَلَوْ أَنَّ عُثْمَانَ نَازَعَهُ مُنَازِعُونَ فِي الْإِمَامَةِ وَقَاتَلَهُمْ، لَكَانَ قِتَالُهُمْ مِنْ جِنْسِ قِتَالِ عَلِيٍّ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُولَئِكَ نِزَاعٌ فِي الْقَوَاعِدِ الدِّينِيَّةِ.

وَلَكِنَّ أَوَّلَ سَيْفٍ سُلَّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقَوَاعِدِ الدِّينِيَّةِ سَيْفُ الْخَوَارِجِ، وَقِتَالُهُمْ مِنْ أَعْظَمِ الْقِتَالِ، وَهُمُ الَّذِينَ ابْتَدَعُوا أَقْوَالًا خَالَفُوا فِيهَا الصَّحَابَةَ وَقَاتَلُوا عَلَيْهَا، وَهُمُ الَّذِينَ تَوَاتَرَتِ النُّصُوصُ بِذِكْرِهِمْ، كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ» " (٥) .

وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُقَاتِلْ أَحَدًا عَلَى إِمَامَةِ مَنْ قَاتَلَهُ، وَلَا قَاتَلَهُ أَحَدٌ عَلَى إِمَامَتِهِ نَفْسِهِ، وَلَا ادَّعَى أَحَدٌ قَطُّ فِي زَمَنِ خِلَافَتِهِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ مِنْهُ: لَا عَائِشَةَ، وَلَا طَلْحَةَ، وَلَا الزُّبَيْرَ، وَلَا مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابَهُ، وَلَا الْخَوَارِجَ، بَلْ كُلُّ الْأُمَّةِ كَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِفَضْلِ عَلِيٍّ وَسَابِقَتِهِ بَعْدَ قَتْلِ


(١) قِتَالُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .
(٢) ن، ب: وَعِنْدَ كَثِيرٍ مِنْهُمْ وَهُوَ.
(٣) ب: الْعَدْلِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٤) ن: عَيْنِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٥) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ١/٣٠٦

<<  <  ج: ص:  >  >>