للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ أَعْلَمُ وَأَعْدَلُ مِنْ أَنْ يَقُولُوا لِعَلِيٍّ: بَايِعْ مُعَاوِيَةَ، بَلْ يَقُولُوا لَهُ (١) : بَايِعْ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ، وَهُمَا (٢) مِنْ أَهْلِ الشُّورَى.

فَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، وَبَقِيَ بَعْدَ مَوْتِ عُثْمَانَ أَرْبَعَةٌ.

فَأَمَّا سَعْدٌ فَاعْتَزَلَ الْفِتْنَةَ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي قِتَالِ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَعَاشَ بَعْدَهُمْ كُلَّهُمْ، وَهُوَ آخِرُ الْعَشَرَةِ مَوْتًا، وَاعْتَزَلَ بِالْعَقِيقِ، وَلَمَّا مَاتَ حُمِلَ عَلَى الْأَعْنَاقِ فَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي إِبِلِهِ فَجَاءَ ابْنُهُ عُمَرُ، فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ. فَنَزَلَ فَقَالَ لَهُ: أَنَزَلْتَ فِي إِبِلِكَ وَغَنَمِكَ وَتَرَكْتَ النَّاسَ يَتَنَازَعُونَ فِي الْمُلْكِ بَيْنَهُمْ؟ فَضَرَبَ سَعْدٌ فِي صَدْرِهِ، وَقَالَ: اسْكُتْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ " (٣) .

وَابْنُهُ عُمَرُ هَذَا كَانَ يُحِبُّ الرِّيَاسَةَ، وَلَوْ حَصَلَتْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْمُومِ، وَلِهَذَا لَمَّا وُلِّيَ وِلَايَةً، وَقِيلَ لَهُ: لَا نُوَلِّيكَ حَتَّى تَتَوَلَّى قِتَالَ الْحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ، كَانَ هُوَ أَمِيرَ تِلْكَ السَّرِيَّةِ.

وَأَمَّا سَعْدٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، وَكَانَ مُسَدَّدًا فِي زَمَنِهِ،


(١) ن، م: بَلْ يَقُولُوا إِنَّهُ.
(٢) ب: وَغَيْرُهُمَا.
(٣) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٢/٦٥، ٣/١٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>