للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ مِنَ الْكُفَّارِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا بَنَاهُ اتَّخَذَهُ الْكُفَّارُ حِصْنًا، وَالْقُطَّاعُ مَأْوًى لَهُمْ.

وَمِثْلَ مَنْ يُعْطِي رَجُلًا مَالًا يُنْفِقُهُ فِي الْغُزَاةِ وَالْمُجَاهِدِينَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ (١) إِنَّمَا يُنْفِقُهُ فِي الْكُفَّارِ وَالْمُحَارِبِينَ أَعْدَاءِ الرَّسُولِ.

وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الرَّافِضَةَ الْقَدَرِيَّةَ أَخَذُوا هَذِهِ الْحُجَجَ مِنْ أُصُولِ الْمُعْتَزِلَةِ الْقَدَرِيَّةِ. فَلَمَّا كَانَ أُولَئِكَ يُوجِبُونَ عَلَى اللَّهِ (* الصَّلَاحَ وَالْأَصْلَحَ (٢) أَخَذَ هَؤُلَاءِ ذَلِكَ مِنْهُمْ. وَأَصْلُ أُولَئِكَ فِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى اللَّهِ *) (٣) أَنْ يَفْعَلَ بِكُلِّ مُكَلَّفٍ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ لَهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، [وَهُوَ] (٤) أَصْلٌ فَاسِدٌ، وَإِنْ كَانَ الرَّبُّ تَعَالَى بِحِكْمَتِهِ وَرَحِمَتِهِ يَفْعَلُ بِحِكْمَةٍ لِخَلْقِهِ مَا يُصْلِحُهُمْ (٥) فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ.

وَالنَّاسُ فِي هَذَا الْأَصْلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَالْقَدَرِيَّةُ يَقُولُونَ: يَجِبُ عَلَى اللَّهِ رِعَايَةُ الْأَصْلَحِ - أَوِ الصَّلَاحِ - فِي كُلِّ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، وَيَجْعَلُونَ ذَلِكَ الْوَاجِبَ مِنْ جِنْسِ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ. فَغَلِطُوا حَيْثُ شَبَّهُوا اللَّهَ بِالْوَاحِدِ مِنَ النَّاسِ، فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَكَانُوا هُمْ مُشَبِّهَةَ الْأَفْعَالِ، فَغَلِطُوا (٦) مِنْ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ الْكُلِّيَّةِ، وَبَيْنَ مَصْلَحَةِ آحَادِ النَّاسِ، الَّتِي قَدْ (٧) تَكُونُ مُسْتَلْزِمَةً لِفَسَادٍ عَامٍّ، وَمُضَادَّةً لِصَلَاحٍ عَامٍّ.


(١) ب: أَنْ.
(٢) م: أَوِ الْأَصْلَحَ.
(٣) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(٤) وَهُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٥) م: يَفْعَلُ بِجُمْلَةِ مَا يُصْلِحُهُمْ.
(٦) ن، م: وَغَلِطُوا.
(٧) قَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>