للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ لَهُمْ: هَذَا يُعْقَلُ فِيمَا إِذَا (١) كَانَ حُدُوثُ الْقَوَابِلِ مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا فِي حُدُوثِ الشُّعَاعِ عَنِ الشَّمْسِ، وَكَمَا يَقُولُونَهُ فِي الْعَقْلِ الْفَعَّالِ. وَأَمَّا إِذَا كَانَ هُوَ الْفَاعِلُ لِلْقَابِلِ وَالْمَقْبُولِ، وَالشَّرْطِ وَالْمَشْرُوطِ، وَهُوَ عِلَّةٌ تَامَّةٌ أَزَلِيَّةٌ لِمَا يَصْدُرُ عَنْهُ (٢) وَجَبَ مُقَارَنَةُ مَعْلُولِهِ كُلِّهِ لَهُ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهُ شَيْءٌ، فَإِنَّهُ يُمْتَنَعُ أَنْ يَصِيرَ فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ غَيْرِ إِحْدَاثِهِ لِشَيْءٍ، وَإِحْدَاثُهُ لِشَيْءٍ (٣) مَعَ كَوْنِهِ (٤) عِلَّةً تَامَّةً أَزَلِيَّةً مُمْتَنَعٌ، وَكَوْنَهُ عِلَّةً لِنَوْعِ الْحَوَادِثِ مَعَ عَدَمِ حُدُوثِ فِعْلٍ يَقُومُ بِهِ مُمْتَنَعٌ.

وَلِأَنَّ صُدُورَ الْعَالَمِ عَنْ فَاعِلَيْنِ مُمْتَنَعٌ، سَوَاءٌ كَانَا مُشْتَرِكَيْنِ فِي جَمِيعِهِ، أَوْ كَانَ هَذَا فَاعِلًا لِبَعْضِهِ وَهَذَا فَاعِلًا لِبَعْضِهِ، كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ (٥) وَهَذَا مِمَّا لَا نِزَاعَ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ أَحَدٌ مِنَ الْعُقَلَاءِ أَنَّ الْعَالَمَ صَدَرَ عَنِ اثْنَيْنِ مُتَكَافِئَيْنِ فِي الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ، وَلَا قَالَ أَحَدٌ مِنَ الْعُقَلَاءِ: إِنَّ أُصُولَ الْعَالَمِ الْقَدِيمَةِ صَدَرَتْ عَنْ وَاحِدٍ، وَحَوَادِثَهُ صَدَرَتْ عَنْ آخَرَ، فَإِنَّ الْعَالَمَ لَا يَخْلُو مِنَ الْحَوَادِثِ (٦) ، وَفِعْلُ الْمَلْزُومِ بِدُونِ لَازِمِهِ مُمْتَنَعٌ، وَلَوْ كَانَ الْفَاعِلُ لِلَوَازِمِهِ غَيْرَهُ لَزِمَ أَنْ لَا يَتِمَّ فِعْلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِلَّا بِالْآخَرِ، فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ فِي الْفَاعِلَيْنِ، وَكَوْنُ كُلِّ [وَاحِدٍ] (٧) مِنَ الرَّبَّيْنِ لَا يَصِيرُ رَبًّا إِلَّا بِالْآخَرِ، وَلَا يَصِيرُ قَادِرًا إِلَّا بِالْآخَرِ، وَلَا يَصِيرُ فَاعِلًا إِلَّا بِالْآخَرِ، فَلَا


(١) إِذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(٢) ن، م: عَنْهَا.
(٣) عِبَارَةُ " وَإِحْدَاثُهُ لِشَيْءٍ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(٤) ب (فَقَطْ) : مَعَ أَنَّ كَوْنَهُ.
(٥) ن، م: كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ.
(٦) ن، م: لَا يَخْلُو عَنِ الْحُدُوثِ.
(٧) وَاحِدٍ: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>