للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا سِوَاهُ الَّذِي لَا يَتَوَقَّفُ فِعْلُهُ عَلَى أَمْرٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِهِ - لَا إِعْدَادَ (١) وَلَا إِمْدَادَ وَلَا قَبُولَ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ، بَلْ نَفْسُهُ هِيَ الْمُسْتَلْزِمَةُ لِفِعْلِهِ - فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ عِلَّةٌ تَامَّةٌ أَزَلِيَّةٌ لَوَجَبَ أَنْ يُقَارِنَهُ مَعْلُولُهُ كُلُّهُ، وَلَا يَتَأَخَّرَ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ مَفْعُولَاتِهِ (٢) ، وَإِذَا تَأَخَّرَ شَيْءٌ مِنْ مَفْعُولَاتِهِ وَلَوْ كَانَ مَفْعُولًا بِوَاسِطَةٍ، عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِلَّةٌ تَامَّةٌ لَهُ فِي الْأَزَلِ، وَأَنَّهُ صَارَ عِلَّةً بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ

وَإِذَا قِيلَ الْحَرَكَةُ الْفَلَكِيَّةُ هِيَ سَبَبُ حُدُوثِ الْحَوَادِثِ ٠

قِيلَ: وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا يُعْلَمُ بُطْلَانُهُ، فَإِنَّ الْحَرَكَةَ الْحَادِثَةَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ يُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ الْمُوجِبُ لَهَا (٣) عِلَّةً تَامَّةً أَزَلِيَّةً، فَإِنَّ هَذِهِ يُقَارِنُهَا مَعْلُولُهَا أَزَلًا وَأَبَدًا، وَالْحَرَكَةُ الْحَادِثَةُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ يُمْتَنَعُ أَنْ تَكُونَ مُقَارِنَةً لِعِلَّتِهَا فِي الْأَزَلِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُوجِبَ لِحُدُوثِهَا لَيْسَ عِلَّةً تَامَّةً أَزَلِيَّةً، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الرَّبُّ مُتَّصِفًا بِأَفْعَالٍ تَقُومُ بِهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، بِسَبَبِ (٤) مَا يَقُومُ بِهِ، يَحْدُثُ عَنْهُ مَا يَحْدُثُ، مِثْلَ مَشِيئَتِهِ الْقَائِمَةِ بِذَاتِهِ وَكَلِمَاتِهِ الْقَائِمَةِ بِذَاتِهِ وَأَفَعَالِهِ الِاخْتَيَارِيَّةِ الْقَائِمَةِ بِذَاتِهِ.

وَمِنْهَا أَنَّ الْحَوَادِثَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُحْدِثٍ، وَيُمْتَنَعُ أَنْ يُحْدِثَهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا رَبَّ غَيْرُهُ، وَلِأَنَّ الْقَوْلَ فِيهِ فِي ذَلِكَ الْحَدَثِ كَالْقَوْلِ فِيهِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ عِلَّةً تَامَّةً فِي الْأَزَلِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ، وَيَعُودُ التَّقْسِيمُ.

وَإِذَا قَالُوا: إِنَّمَا تَأَخَّرَ الثَّانِي لِتَأَخُّرِ حُدُوثِ الْقَوَابِلِ وَالشُّرُوطِ الَّتِي بِهَا قَبْلَ الْفَيْضِ ٠


(١) ن، م: لَا عِدَادَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٢) ن، م: مِنْ مَعْلُولَاتِهِ.
(٣) ن، م: لَهُ.
(٤) بِسَبَبِ: كَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ: وَيُسَبِّبُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>