للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْدُثُ غَيْرَ [مَعْلُولِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْلُولًا لَهَا] لَكَانَ قَدْ تَأَخَّرَ الْمَعْلُولُ (١) أَوْ بَعْضُ الْمَعْلُولِ عَنْ عِلَّتِهِ التَّامَّةِ، وَالْعِلَّةُ التَّامَّةُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهَا لَا مَعْلُولُهَا وَلَا بَعْضُ مَعْلُولِهَا، فَكُلُّ مَا حَدَثَ لَا يَحْدُثُ عَنْ عِلَّةٍ تَامَّةٍ أَزَلِيَّةٍ، وَوَاجِبُ الْوُجُودِ عِنْدَهُمْ عِلَّةٌ تَامَّةٌ أَزَلِيَّةٌ، فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَحْدُثَ عَنْهُ حَادِثٌ لَا بِوَاسِطَةٍ وَلَا بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ (٢) .

وَمَا يَعْتَذِرُونَ بِهِ فِي هَذَا الْمَكَانِ مِنْ قَوْلِهِمْ: إِنَّمَا تَأَخَّرَتِ الْحَوَادِثُ لِتَأَخُّرِ الِاسْتِعْدَادِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَفْسَدِ الْأَقْوَالِ، فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيمَا يَكُونُ عِلَّةُ وُجُودِهِ غَيْرَ عِلَّةِ اسْتِعْدَادِهِ وَقَبُولِهِ (٣) ، كَمَا يَحْدُثُ عَنِ الشَّمْسِ، فَإِنَّهَا تَارَةً تُلَيِّنُ وَتُرَطِّبُ كَمَا تُلَيِّنُ الثِّمَارَ بَعْدَ يُبْسِهَا (٤) بِسَبَبِ مَا يَحْصُلُ فِيهَا مِنَ الرُّطُوبَةِ، فَتَجْتَمِعُ الرُّطُوبَةُ الْمَائِيَّةُ وَالسُّخُونَةُ الشَّمْسِيَّةُ فَتَنْضَجُ الثِّمَارُ وَتَلِينُ، وَتَارَةً تُجَفِّفُ وَتُيَبِّسُ كَمَا يَحْصُلُ لِلثِّمَارِ بَعْدَ تَنَاهِي نُضْجِهَا، فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ عَنْهَا الِاسْتِمْدَادُ مِنَ الرُّطُوبَةِ، فَتَبْقَى حَرَارَةٌ تَفْعَلُ فِي رُطُوبَةٍ مِنْ غَيْرِ إِمْدَادٍ، فَتُجَفِّفُهَا كَمَا تُجَفِّفُ الشَّمْسُ وَالنَّارُ وَغَيْرُهُمَا لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَجْسَامِ الرَّطْبَةِ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ قَدْ يَتَأَخَّرُ فِعْلُ الْفَاعِلِ لِعَدَمِ اسْتِعْدَادِ الْقَابِلِ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ مَا يَدَّعُونَهُ مِنَ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ لَهُ حَقِيقَةٌ لَكَانَ تَأَخُّرُ فَيْضِهِ حَتَّى تَسْتَعِدَّ الْقَوَابِلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ. وَأَمَّا وَاجِبُ الْوُجُودِ الْفَاعِلُ لِكُلِّ


(١) ا، ب: وَكَانَ مَا يَحْدُثُ غَيْرَ مَعْلُولٍ لَهَا لَكَانَ قَدْ تَأَخَّرَ الْمَعْلُولُ. . إِلَخْ.
(٢) ن، م: لَا بِوَسَطٍ وَلَا بِغَيْرِ وَسَطٍ.
(٣) ن، م: وَقَبُولِهَا.
(٤) ن، م: بَعْدَ قُوَّتِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>