للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفُقَهَاءِ، إِلَّا إِذَا قِيلَ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْحُلِيِّ. وَقِيلَ: إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ جِنْسِ الْحُلِيِّ، وَمَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ بِالْقِيمَةِ، فَالتَّقْوِيمُ فِي الصَّلَاةِ مُتَعَذِّرٌ، وَالْقِيَمُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ.

الْوَجْهُ الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٤٣] هَذَا أَمْرٌ بِالرُّكُوعِ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: ٤٣] وَهَذَا أَمْرٌ بِالرُّكُوعِ.

قَدْ قِيلَ: ذَكَرَ ذَلِكَ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ الْجَمَاعَةَ ; لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي الْجَمَاعَةِ إِنَّمَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ بِإِدْرَاكِ رُكُوعِهَا، بِخِلَافِ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ إِلَّا السُّجُودَ، فَإِنَّهُ قَدْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ. وَأَمَّا الْقِيَامُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِدْرَاكُ.

وَبِالْجُمْلَةِ " الْوَاوُ " إِمَّا وَاوُ الْحَالِ، وَإِمَّا وَاوُ الْعَطْفِ. وَالْعَطْفُ هُوَ الْأَكْثَرُ، وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ فِي مِثْلِ هَذَا الْخِطَابِ. وَقَوْلُهُ إِنَّمَا يَصِحُّ (١) إِذَا كَانَتْ وَاوَ الْحَالِ، فَإِنَّ (٢) لَمْ يَكُنْ ثَمَّ (٣) دَلِيلٌ عَلَى تَعْيِينِ ذَلِكَ بَطَلَتِ الْحُجَّةُ، [فَكَيْفَ إِذَا كَانَتِ الْأَدِلَّةُ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ؟ !] (٤) .

الْوَجْهُ الثَّانِيَ عَشَرَ: أَنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ الْمُسْتَفِيضِ عِنْدَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ، أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي النَّهْيِ عَنْ مُوَالَاةِ الْكُفَّارِ، وَالْأَمْرِ بِمُوَالَاةِ الْمُؤْمِنِينَ ; لَمَّا كَانَ بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، يُوَالِي الْيَهُودَ، وَيَقُولُ: إِنِّي أَخَافُ الدَّوَائِرَ. فَقَالَ بَعْضُ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ (٥) عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: إِنِّي


(١) ن، س: تُفْتَحُ، ب: يَتَّضِحُ.
(٢) ن، م: فَإِذَا.
(٣) ن، س، ب: لَهُمْ.
(٤) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) .
(٥) س، ب: هُوَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>