للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ نَقُولَ (١) : فِي نَفْسِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ; فَإِنَّ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا كَانَ بِغَدِيرٍ يُدْعَى خُمًّا نَادَى النَّاسَ فَاجْتَمَعُوا، فَأَخَذَ بِيَدَيْ عَلِيٍّ وَقَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، وَأَنَّ هَذَا قَدْ شَاعَ وَطَارَ بِالْبِلَادِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَارِثَ بْنَ النُّعْمَانِ الْفِهْرِيَّ، وَأَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نَاقَتِهِ وَهُوَ فِي الْأَبْطَحِ وَأَتَى وَهُوَ فِي مَلَأٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَذَكَرَ أَنَّهُمُ امْتَثَلُوا أَمْرَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ، ثُمَّ قَالَ: " أَلَمْ تَرْضَى بِهَذَا حَتَّى رَفَعْتَ بِضَبْعَيِ ابْنِ عَمِّكَ تُفَضِّلُهُ عَلَيْنَا " وَقُلْتَ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فِعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» ؟ وَهَذَا مِنْكَ أَمْ (٢) مِنَ اللَّهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هُوَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ (٣) ، فَوَلَّى الْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ يُرِيدُ رَاحِلَتَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} ، فَمَا وَصَلَ إِلَيْهَا حَتَّى رَمَاهُ اللَّهُ بِحَجَرٍ، فَسَقَطَ عَلَى هَامَتِهِ، وَخَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ فَقَتَلَهُ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ - لِلْكَافِرينَ} [سُورَةُ الْمَعَارِجِ: ١، ٢] الْآيَةَ. فَيُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الْكَذَّابِينَ: أَجْمَعَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِغَدِيرِ خُمٍّ (٤) كَانَ مَرْجِعَهُ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ. وَالشِّيعَةُ تُسَلِّمُ هَذَا، وَتَجْعَلُ ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَرْجِعْ إِلَى مَكَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ، بَلْ رَجَعَ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَعَاشَ تَمَامَ ذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَصَفَرٍ، وَتُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ.


(١) ن: أَنْ تَقُولَ.
(٢) س، ب: أَوْ.
(٣) م: هُوَ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ.
(٤) عِبَارَةُ بِغَدِيرِ خُمٍّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>