للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ يُذْكَرُ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ هَذَا بِغَدِيرِ خُمٍّ وَشَاعَ فِي الْبِلَادِ، جَاءَهُ الْحَارِثُ وَهُوَ بِالْأَبْطَحِ، وَالْأَبْطَحُ (١) بِمَكَّةَ، فَهَذَا كَذِبُ جَاهِلٍ لَمْ يَعْلَمْ مَتَى كَانَتْ قِصَّةُ غَدِيرِ خُمٍّ.

وَأَيْضًا (٢) فَإِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ - سُورَةَ سَأَلَ سَائِلٌ - مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، نَزَلَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، فَهَذِهِ نَزَلَتْ قَبْلَ غَدِيرِ خُمٍّ بِعَشْرِ سِنِينَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَكَيْفَ [تَكُونُ] (٣) نَزَلَتْ بَعْدَهُ؟ .

وَأَيْضًا قَوْلُهُ: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: ٣٢] فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ، وَقَدْ نَزَلَتْ عَقِيبَ بَدْرٍ (٤) بِالِاتِّفَاقِ قَبْلَ غَدِيرِ خُمٍّ بِسِنِينَ كَثِيرَةٍ، وَأَهْلُ التَّفْسِيرِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ بِسَبَبِ مَا قَالَهُ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ الْهِجْرَةِ، كَأَبِي جَهْلٍ وَأَمْثَالِهِ، وَأَنَّ اللَّهَ ذَكَّرَ نَبِيَّهُ بِمَا كَانُوا يَقُولُونَهُ (٥) بِقَوْلِهِ: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ} أَيِ اذْكُرْ قَوْلَهُمْ، كَقَوْلِهِ: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٣٠] ، {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: ١٢١] ، وَنَحْوِ ذَلِكَ: يَأْمُرُهُ بِأَنْ يَذْكُرَ كُلَّ مَا تَقَدَّمَ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ.

وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ لَمَّا اسْتَفْتَحُوا بَيَّنَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَنْزِلُ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ ; فَقَالَ:


(١) وَالْأَبْطَحُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .
(٢) وَأَيْضًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(٣) تَكُونُ: فِي (م) فَقَطْ.
(٤) س، ب: وَقَدْ نَزَلَتْ بِبَدْرٍ.
(٥) س، ب: يَقُولُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>