للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ عِنْدَهُمْ لَا يَقُومُ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ، وَلَا لَهُ أَحْوَالٌ مُتَنَوِّعَةٌ أَصْلًا، فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ (١) أَنْ يَصْدُرَ عَنْهُ الثَّانِي بَعْدَ أَنْ كَانَ صُدُورُهُ مُمْتَنَعًا مِنْهُ وَحَالُهُ حَالُهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ إِلَّا أَمْرٌ عَدَمِيٌّ لَمْ يُوجِبْ لَهُ زِيَادَةَ قُدْرَةٍ وَلَا إِرَادَةٍ وَلَا عِلْمٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ؟ .

وَهَذَا بِخِلَافِ (٢) مَا يُمَثِّلُونَ بِهِ مِنْ حَرَكَةِ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُتَحَرِّكَةِ (٣) بِالْإِرَادَةِ أَوْ (٤) بِالطَّبْعِ، فَإِنَّ الْمُتَحَرِّكَ إِذَا قَطَعَ الْمَسَافَةَ [الْأُولَى] (٥) صَارَ لَهُ مِنَ الْقُدْرَةِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ (٦) قَبْلَ ذَلِكَ، وَحَصَلَ عِنْدَهُ مِنَ الْإِرَادَةِ مَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ، كَمَا يَجِدُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ نَفْسِهِ إِذَا مَشَى، فَإِنَّهُ يَجِدُ مِنْ نَفْسِهِ عَجْزًا عَنْ قَطْعِ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ حَتَّى يَصِلَ إِلَيْهَا، وَهُوَ قَبْلَ وُصُولِهِ عَازِمٌ عَلَى قَطْعِهَا، إِذَا وَصَلَ لَيْسَ هُوَ مُرِيدًا فِي هَذَا (٧) الْحَالِ لِقَطْعِهَا فِي هَذَا (٨) الْحَالِ، فَإِذَا وَصَلَ إِلَيْهَا صَارَ مُرِيدًا لِقَطْعِهَا قَادِرًا عَلَى قَطْعِهَا، وَعِنْدَ الْإِرَادَةِ الْجَازِمَةِ وَالْقُدْرَةِ التَّامَّةِ يَجِبُ وُجُودُ الْمُرَادِ، فَحِينَئِذٍ تُقْطَعُ لَا لِمُجَرَّدِ عَدَمِ الْحَرَكَةِ الَّتِي بِهَا قَطْعُ الْأُولَى بَلْ لِمَا تَجَدَّدَ لَهُ مِنَ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ، فَهَذَا (٩) الْمُتَجَدِّدُ الْمُقْتَضِي لَهُ هُوَ مَا فِي نَفْسِهِ مِنَ الْإِرَادَةِ الْكُلِّيَّةِ


(١) ن، م: يُتَضَمَّنُ.
(٢) ن: خِلَافِ؛ م: يُخَالِفُ.
(٣) ا، ب: الْحَرَكَاتِ؛ م: الْمُتَحَرِّكَاتِ.
(٤) أَوْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(٥) الْأُولَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(٦) لَهُ: زِيَادَةٌ فِي (ن) فَقَطْ.
(٧) ا، ب: هَذِهِ.
(٨) ا، ب: هَذِهِ.
(٩) ا، ب: وَهَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>