للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَوَى ذَلِكَ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ (١) مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَأَدْخَلَهُ [مَعَهُ] (٢) ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا [مَعَهُ] (٣) ، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: " {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} » . وَهُوَ مَشْهُورٌ مِنْ رِوَايَةِ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ (٤) ، لَكِنْ لَيْسَ فِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى عِصْمَتِهِمْ وَلَا إِمَامَتِهِمْ. وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي مَقَامَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَوْلَهُ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ، كَقَوْلِهِ: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: ٦] ، وَكَقَوْلِهِ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ١٨٥] ، وَكَقَوْلِهِ: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: ٢٦ - ٢٧] . فَإِنَّ إِرَادَةَ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مُتَضَمِّنَةً لِمَحَبَّةِ اللَّهِ لِذَلِكَ (٥) ، الْمُرَادِ وَرِضَاهُ بِهِ، وَأَنَّهُ شَرَعَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَأَمَرَهُمْ بِهِ، لَيْسَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ خَلَقَ هَذَا الْمُرَادَ، وَلَا أَنَّهُ قَضَاهُ وَقَدَّرَهُ، وَلَا أَنَّهُ يَكُونُ لَا مَحَالَةَ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ


(١) س: مُرَجَّلٌ.
(٢) مَعَهُ: زِيَادَةٌ فِي (م) .
(٣) مَعَهُ: زِيَادَةٌ فِي (م) .
(٤) ذَكَرْتُ فِيمَا سَبَقَ ٤/٢٢ مَكَانَ الْحَدِيثِ فِي مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالْمُسْنَدِ، فَارْجِعْ إِلَيْهِ.
(٥) ن، س: بِذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>