قَالَ: " «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا» ". فَطَلَبَ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ إِذْهَابَ الرِّجْسِ وَالتَّطْهِيرِ. فَلَوْ كَانَتِ الْآيَةُ تَتَضَمَّنُ إِخْبَارَ اللَّهِ بِأَنَّهُ قَدْ أَذْهَبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ، لَمْ يَحْتَجْ إِلَى الطَّلَبِ وَالدُّعَاءِ. وَهَذَا عَلَى قَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ أَظْهَرُ، فَإِنَّ إِرَادَةَ اللَّهِ عِنْدَهُمْ لَا تَتَضَمَّنُ وُجُودَ الْمُرَادِ، بَلْ قَدْ يُرِيدُ مَا لَا يَكُونُ وَيَكُونُ مَا لَا يُرِيدُ، فَلَيْسَ فِي كَوْنِهِ تَعَالَى مُرِيدًا لِذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ. وَهَذَا الرَّافِضِيُّ وَأَمْثَالُهُ قَدَرِيَّةٌ، فَكَيْفَ يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} عَلَى وُقُوعِ الْمُرَادِ؟ وَعِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَرَادَ إِيمَانَ مَنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَلَمْ يَقَعْ مُرَادُهُ؟ . وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ، فَالتَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْإِرَادَةَ فِي كِتَابِ اللَّهِ نَوْعَانِ: إِرَادَةٌ شَرْعِيَّةٌ دِينِيَّةٌ تَتَضَمَّنُ مَحَبَّتَهُ وَرِضَاهُ، وَإِرَادَةٌ كَوْنِيَّةٌ قَدَرِيَّةٌ تَتَضَمَّنُ خَلْقَهُ وَتَقْدِيرَهُ. الْأُولَى مِثْلُ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ. وَالثَّانِيَةُ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: ١٢٥] وَقَوْلُ نُوحٍ: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [سُورَةُ هُودٍ: ٣٤]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute