للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُقَالُ (١) : لَا رَيْبَ أَنَّ الْفَضِيلَةَ الَّتِي حَصَلَتْ لِأَبِي بَكْرٍ فِي الْهِجْرَةِ لَمْ تَحْصُلْ لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْأَفْضَلِيَّةُ ثَابِتَةً لَهُ دُونَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامُ. فَهَذَا هُوَ الدَّلِيلُ الصِّدْقُ الَّذِي لَا كَذِبَ فِيهِ. يَقُولُ اللَّهُ: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ٤٠] . وَمِثْلُ هَذِهِ الْفَضِيلَةِ لَمْ تَحْصُلْ لِغَيْرِ أَبِي بَكْرٍ قَطْعًا، بِخِلَافِ الْوِقَايَةِ بِالنَّفْسِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَفْسِهِ. وَهَذَا وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ، لَيْسَ مِنَ الْفَضَائِلِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْأَكَابِرِ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَالْأَفْضَلِيَّةُ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِالْخَصَائِصِ لَا بِالْمُشْتَرِكَاتِ. يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّ عَلِيًّا أُوذِيَ فِي مَبِيتِهِ (٢) عَلَى فِرَاشِ النَّبِيِّ، وَقَدْ أُوذِيَ غَيْرُهُ فِي وِقَايَتِهِمُ (٣) النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تَارَةً بِالضَّرْبِ، وَتَارَةً بِالْجَرْحِ، وَتَارَةً بِالْقَتْلِ. فَمَنْ فَدَاهُ وَأُوذِيَ أَعْظَمُ مِمَّنْ فَدَاهُ وَلَمْ يُؤْذِ. وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَا صَحَّ لِعَلِيٍّ مِنَ الْفَضَائِلِ فَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ، شَارَكَهُ فِيهَا غَيْرُهُ، بِخِلَافِ الصِّدِّيقِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ فَضَائِلِهِ - وَأَكْثَرِهَا - خَصَائِصٌ لَهُ، لَا يُشْرِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ. وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ (٤) .


(١) ن: الْعَاشِرُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٢) م: فِي بَيْتِهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٣) ب: وِقَايَتِهِ.
(٤) س، ب: فِي مَوْضِعِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>