للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: أَنَّ هَذَا قَوْلٌ بِلَا حُجَّةٍ، فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ.

الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا مُعَارَضٌ بِمَا (١) هُوَ أَشْهَرُ مِنْهُ وَأَظْهَرُ، وَهُوَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ وَأَصْحَابِهِ، الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَهُ أَهْلَ الرِّدَّةِ. وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ [عِنْدَ النَّاسِ] (٢) كَمَا تَقَدَّمَ. لَكِنَّ هَؤُلَاءِ الْكَذَّابُونَ أَرَادُوا أَنْ يَجْعَلُوا الْفَضَائِلَ الَّتِي جَاءَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ يَجْعَلُونَهَا (٣) لِعَلِيٍّ، وَهَذَا مِنَ الْمَكْرِ السَّيِّئِ الَّذِي لَا يَحِيقُ إِلَّا بِأَهْلِهِ.

وَحَدَّثَنِي الثِّقَةُ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِشَيْخٍ أَعْرِفُهُ، وَكَانَ فِيهِ دِينٌ وَزُهْدٌ وَأَحْوَالٌ مَعْرُوفَةٌ لَكِنْ كَانَ فِيهِ تَشَيُّعٌ. قَالَ: وَكَانَ عِنْدَهُ كِتَابٌ يُعَظِّمُهُ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ مِنَ الْأَسْرَارِ، وَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ خَزَائِنِ الْخُلَفَاءِ، وَبَالَغَ فِي وَصْفِهِ. فَلَمَّا أَحْضَرَهُ، فَإِذَا بِهِ كِتَابٌ (٤) قَدْ كُتِبَ بِخَطٍّ حَسَنٍ، وَقَدْ عَمَدُوا إِلَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ جَمِيعِهَا فِي فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَنَحْوِهِمَا جَعَلُوهَا لِعَلِيٍّ. وَلَعَلَّ هَذَا الْكِتَابَ كَانَ مِنْ خَزَائِنِ بَنِي عُبَيْدٍ الْمِصْرِيِّينَ، فَإِنَّ خَوَاصَّهُمْ كَانُوا مَلَاحِدَةً زَنَادِقَةً غَرَضُهُمْ قَلْبُ الْإِسْلَامِ، وَكَانُوا قَدْ وَضَعُوا مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُفْتَرَاةِ الَّتِي يُنَاقِضُونَ بِهَا الدِّينَ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ.

وَمِثْلُ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالِ يَظُنُّونَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إِنَّمَا أُخِذَتْ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، كَمَا يَظُنُّ مِثْلُ ابْنِ الْخَطِيبِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ الْحَالِ، وَأَنَّ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا كَانَ الْغَلَطُ يَرُوجُ عَلَيْهِمَا، أَوْ


(١) س، ب: لِمَا.
(٢) عِنْدَ النَّاسِ: زِيَادَةٌ فِي (م) .
(٣) يَجْعَلُونَهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .
(٤) م: وَإِذَا الْكِتَابُ، س، ب: وَإِذَا بِهِ كِتَابٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>