للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشُمُولِهِ لِآخَرِينَ، وَلَا وُجُوبَ الْعَمَلِ عَلَى بَعْضِهِمْ مَشْرُوطٌ عَلَى آخَرِينَ بِوُجُوبِهِ.

وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ أَفْضَلُ مَنْ عُنِيَ بِهَا، فَهَذَا يُبْنَى عَلَى كَوْنِهِ أَفْضَلَ النَّاسِ. فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لَمْ يَجُزِ الِاسْتِدْلَالُ بِهَا، فَكَانَ الِاسْتِدْلَالُ بِهَا بَاطِلًا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ.

وَغَايَةُ مَا عِنْدَكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُفَضِّلُ عَلِيًّا، وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ (١) هَذَا كَذِبٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَخِلَافُ الْمَعْلُومِ عَنْهُ، فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ - مَعَ مُخَالَفَةِ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ - لَمْ يَكُنْ حُجَّةً.

السَّادِسُ: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: لَقَدْ عَاتَبَ اللَّهُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فِي الْقُرْآنِ وَمَا ذَكَرَ عَلِيًّا إِلَّا بِخَيْرٍ، كَذِبٌ مَعْلُومٌ ; فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ أَنَّ اللَّهَ عَاتَبَ أَبَا بَكْرٍ فِي الْقُرْآنِ، بَلْ وَلَا أَنَّهُ سَاءَ رَسُولَ (٢) اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَلْ رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: " «أَيُّهَا النَّاسُ، اعْرَفُوا لِأَبِي بَكْرٍ حَقَّهُ ; فَإِنَّهُ لَمْ يَسُؤْنِي يَوْمًا قَطُّ» " (٣) .

وَالثَّابِتُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَنْتَصِرُ لِأَبِي بَكْرٍ، وَيَنْهَى النَّاسَ عَنْ مُعَارَضَتِهِ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ سَاءَهُ، كَمَا نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ عَلِيًّا لَمَّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ خَطَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخُطْبَةَ الْمَعْرُوفَةَ (٤) ، وَمَا حَصَلَ مِثْلُ هَذَا فِي حَقِّ أَبِي بَكْرٍ قَطُّ.


(١) س، ب: وَمَعَ هَذَا أَنَّهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٢) م: سَاءَ إِلَى رَسُولِ.
(٣) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ.
(٤) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٤/١٤٥. وَأَوَّلُهُ: إِنَّ بَنِي الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>