للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ، أَوَ فِي الْأَنْصَارِ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ فَإِذَا كَانَ أَحَبَّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ (١) ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْإِمَامَ» (٢) .

وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِتَصْحِيحِ النَّقْلِ، وَقَوْلُهُ رَوَى الْجُمْهُورُ كَافَّةً: كَذِبٌ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ حَدِيثَ الطَّيْرِ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الصَّحِيحِ، وَلَا صَحَّحَهُ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ، وَلَكِنْ هُوَ مِمَّا رَوَاهُ بَعْضُ النَّاسِ، كَمَا رَوَوْا أَمْثَالَهُ فِي فَضْلِ غَيْرِ عَلِيٍّ، بَلْ قَدْ رُوِيَ (٣) فِي فَضَائِلِ مُعَاوِيَةَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، وَصُنِّفَ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٌ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لَا يُصَحِّحُونَ لَا هَذَا، وَلَا هَذَا.

الثَّانِي: أَنَّ حَدِيثَ الطَّائِرِ (٤) مِنَ الْمَكْذُوبَاتِ الْمَوْضُوعَاتِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالْمَعْرِفَةِ بِحَقَائِقِ النَّقْلِ (٥) ، قَالَ: أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ: " قَدْ جَمَعَ غَيْرُ


(١) (١) ك: وَإِذَا كَانَ أَحَبَّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى
(٢) (٢) ك: أَنْ يَكُونَ الْإِمَامَ
(٣) (٣) ن، م: رَوَوْا
(٤) (٤) م: الطَّيْرِ
(٥) (٥) جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ مُخْتَصَرًا عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ فِي سُنَنِهِ ٥/٣٠٠ (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، عَلَى. . .، بَابُ ٨٦ حَدِيثِ رَقْمُ ٣٨٠٥) وَنَصُّهُ: " كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَيْرٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي هَذَا الطَّيْرَ، فَجَاءَ عَلِيٌّ فَأَكَلَ مَعَهُ " قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ السُّدِّيِّ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَنَسٍ " وَالْحَدِيثُ فِي " الْفَوَائِدِ الْمَجْمُوعَةِ " لِلشَّوْكَانِيِّ، ص ٣٨٢ ـ ٣٨٣ وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ: " قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ لَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ، كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَأَخْرَجَهُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَصَحَّحَهُ، وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمَنْ أَرَادَ اسْتِيفَاءَ الْبَحْثِ فَلْيَنْظُرْ تَرْجَمَةَ الْحَاكِمِ فِي " النُّبَلَاءِ " وَلَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَلَكِنِّي وَجَدْتُ حَدِيثًا آخَرَ يُقَارِبُهُ فِي الْمَعْنَى ١/٣٧٦ ـ ٣٧٧ وَنَصُّهُ: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا أَنَسُ اسْكُبْ لِي وَضُوءًا " ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: " يَا أَنَسُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْكَ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَسَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ وَقَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ وَخَاتَمُ الْوَصِيِّينَ " قَالَ أَنَسُ: فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، إِذْ جَاءَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ: " مَنْ هَذَا يَا أَنَسُ؟ فَقُلْتُ: عَلِيٌّ، فَقَالَ مُسْتَبْشِرًا فَاعْتَنَقَهُ ". قَالَ: ابْنُ الْجَوْزِيِّ: " هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ زَائِدَةُ: كَانَ جَابِرٌ كَذَّابًا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَا لَقِيتُ أَكْذَبَ مِنْهُ ". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَقَالَ إِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ مِنَ السُّيُوطِيَّ فِي " اللَّآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ " ١/٣٥٩ وَزَادَ عَلَى ابْنِ الْجَوْزِيِّ: " قُلْتُ: قَالَ فِي الْمِيزَانِ: هَذَا الْحَدِيثُ مَوْضُوعٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ مِنْ جِلَادِ الشِّيعَةِ. زَادَ فِي اللِّسَانِ وَذَكَرَهُ الْأَزْدِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ وَقَالَ إِنَّهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا الْحَافِظِ ابْنِ الْفَضْلِ: أَنَّهُ لَيْسَ بِثِقَةٍ. أهـ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ أَيْضًا بِرِوَايَةٍ مُقَارِبَةٍ لِرِوَايَةِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ ابْنُ عِرَاقٍ الْكِنَانِيُّ فِي " تَنْزِيهِ الشَّرِيعَةِ " ١/٣٥٧ وَذَكَرَ الْهَيْثَمِيُّ فِي " مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ " ٩/١٢٥ الْحَدِيثَ وَفِيهِ " يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الْفَرْخِ " ثُمَّ قَالَ: " وَفِي رِوَايَةٍ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ وَقَدْ أُتِيَ بِطَائِرٍ. وَفِي رِوَايَةٍ: أَهَدَتْ أُمُّ أَيْمَنَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَائِرًا بَيْنَ رَغِيفَيْنِ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ " فَجَاءَتْهُ بِالطَّائِرِ " قَلْتُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ طَرَفٌ مِنْهُ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " الْأَوْسَطِ " وَ " الْكَبِيرِ " بِاخْتِصَارٍ، وَأَبُو يَعْلَى بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ " فَرَدَّهُ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَرَدَّهُ. ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ، فَأَذِنَ لَهُ " وَفِي إِسْنَادِ الْكَبِيرِ " حَمَّادُ بْنُ الْمُخْتَارِ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَرِجَالُ أَبِي يَعْلَى ثِقَاتٌ، وَفِي بَعْضِهِمْ ضَعْفٌ. ثُمَّ ذَكَرَ الْهَيْثَمِيُّ ٩/١٢٦ رِوَايَةً أُخْرَى مُقَارِبَةً وَقَالَ فِي آخِرِهَا: " رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ ابْنُ سَلْمَانَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ ". وَذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ رِوَايَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ ٩/١٢٦ عَنْ سَفِينَةَ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَكَرَ أَنَّ فِيهِمَا ضَعْفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>