للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا عَلَى اللَّهِ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ يَجْزِيهِ، فَنِعْمَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ دِينِيَّةٌ لَا تُجْزَى، وَنِعْمَتُهُ عِنْدَ عَلِيٍّ دُنْيَوِيَّةٌ تُجْزَى، وَدِينِيَّةٌ.

وَهَذَا الْأَتْقَى لَيْسَ لِأَحَدٍ عِنْدَهُ نِعْمَةٌ تُجْزَى، وَهَذَا الْوَصْفُ لِأَبِي بَكْرٍ ثَابِتٌ دُونَ عَلِيٍّ.

فَإِنْ قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ (١) أَنَّهُ أَنْفَقَ مَالَهُ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا جَزَاءً لِمَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ، وَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ شَخْصًا أَعْطَى مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ أَجْرًا (٢) ، وَأَعْطَى شَيْئًا آخَرَ لِوَجْهِ اللَّهِ، كَانَ هَذَا مِمَّا لَيْسَ لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى.

قِيلَ: هَبْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ، لَكِنَّ عَلِيًّا لَوْ أَنْفَقَ لَمْ يُنْفِقْ إِلَّا فِيمَا يَأْمُرُهُ (٣) بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّبِيُّ لَهُ عِنْدَهُ نِعْمَةٌ تُجْزَى فَلَا يَخْلُصُ إِنْفَاقُهُ عَنِ الْمُجَازَاةِ، كَمَا يَخْلُصُ إِنْفَاقُ أَبِي بَكْرٍ.

وَعَلِيٌّ أَتْقَى مِنْ غَيْرِهِ، لَكِنَّ (٤) أَبَا بَكْرٍ أَكْمَلُ فِي وَصْفِ التَّقْوَى، مَعَ أَنَّ لَفْظَ الْآيَةِ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ قَطُّ لِمَخْلُوقٍ نِعْمَةٌ تُجْزَى، وَهَذَا وَصَفُ مَنْ يُجَازِي النَّاسَ عَلَى إِحْسَانِهِمْ إِلَيْهِ فَلَا يَبْقَى لِمَخْلُوقٍ عَلَيْهِ مِنَّةٌ، وَهَذَا الْوَصْفُ مُنْطَبِقٌ عَلَى أَبِي بَكْرٍ انْطِبَاقًا لَا يُسَاوِيهِ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُهَاجِرِينَ - عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَغَيْرَهُمْ - رَجُلٌ (٥) أَكْثَرُ إِحْسَانًا إِلَى النَّاسِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَبَعْدَهُ بِنَفْسِهِ، وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ كَانَ


(١) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)
(٢) ن، س، ب: جَزَاءً
(٣) م، س، ب: يَأْمُرُ
(٤) س، ب: وَلَكِنَّ
(٥) رَجُلٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م)

<<  <  ج: ص:  >  >>