للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُعَيَّنِ، فَمَا لَا يَكُونُ مَوْجُودًا مُعَيَّنًا لَا يُعْقَلُ لَا مُعَيَّنًا وَلَا مُطْلَقًا، وَلَكِنْ يُقَدَّرُ تَقْدِيرًا فِي الذِّهْنِ كَمَا تُقَدَّرُ الْمُمْتَنَعَاتُ.

يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ الْعِلْمَ بِكَوْنِ الشَّيْءِ مُمْكِنًا فِي الْخَارِجِ يَكُونُ الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ، أَوْ بِوُجُودِ مَا ذَلِكَ الشَّيْءُ أَوْلَى بِالْوُجُودِ مِنْهُ، كَمَا يَذْكُرُهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي تَقْرِيرِ إِمْكَانِ الْمَعَادِ كَقَوْلِهِ: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [سُورَةُ غَافِرٍ: ٥٧] ، وَقَوْلِهِ: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [سُورَةُ الرُّومِ: ٢٧] ، وَقَوْلِهِ: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى - ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى - فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى - أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [سُورَةُ الْقِيَامَةِ: ٣٧، ٤٠] (١) ، وَقَوْلِهِ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سُورَةُ الْأَحْقَافِ: ٣٣] ، وَقَوْلِهِ: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ} [سُورَةُ يس: ٧٨] إِلَى قَوْلِهِ: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى} [سُورَةُ يس: ٨١] ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إِعَادَةَ الْخَلْقِ أَوْلَى بِالْإِمْكَانِ مِنَ ابْتِدَائِهِ، وَخَلْقُ الصَّغِيرِ أَوْلَى بِالْإِمْكَانِ مِنْ خَلْقِ الْعَظِيمِ. فَأَمَّا مَا لَا (٢) يُعْلَمُ أَنَّهُ مُمْكِنٌ إِذَا عُرِضَ عَلَى الْعَقْلِ وَلَمْ يُعْلَمِ امْتِنَاعُهُ، فَإِمْكَانُهُ ذِهْنِيٌّ، بِمَعْنَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِالِامْتِنَاعِ، لَيْسَ إِمْكَانُهُ خَارِجِيًّا، بِمَعْنَى الْعِلْمِ بِالْإِمْكَانِ فِي الْخَارِجِ.

وَلِهَذَا مَا تَذْكُرُهُ طَائِفَةٌ مِنَ النُّظَّارِ كَالْآمِدِيِّ وَغَيْرِهِ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقَرِّرَ


(١) آيَةُ (٤٠) مِنْ سُورَةِ الْقِيَامَةِ لَمْ تَرِدْ فِي [ن] ، [م] .
(٢) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>