للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِمْكَانَ الشَّيْءِ بِأَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ وُجُودُهُ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ مُحَالٌ، مُجَرَّدُ دَعْوَى. وَغَايَتُهُ أَنْ يَقُولَ: لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ مُحَالٌ، وَعَدَمُ [الْعِلْمِ] (١) لَيْسَ عِلْمًا بِالْعَدَمِ (٢) ، فَهَؤُلَاءِ إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُثْبِتُوا إِمْكَانَ كَوْنِ الْمَفْعُولِ لَازِمًا لِفَاعِلِهِ، لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمُوا ثُبُوتَ ذَلِكَ فِي الْخَارِجِ، أَوْ ثُبُوتَ مَا ذَاكَ أَوْلَى بِالْإِمْكَانِ مِنْهُ، وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ. فَلَا يُعْلَمُ قَطُّ فَاعِلٌ إِلَّا فَاعِلًا يُحْدِثُ فِعْلَهُ أَوْ مَفْعُولَهُ، (٣) لَا يُقَارِنُهُ مَفْعُولُهُ الْمُعَيَّنُ وَيُلَازِمُهُ، بَلْ هَذَا إِلَى (٤) نَفْيِ كَوْنِهِ فَاعِلًا وَوَصْفِهِ بِالْعَجْزِ عَنْ نَفْيِ اللَّازِمِ لَهُ، أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى كَوْنِهِ فَاعِلًا قَادِرًا، فَقَدْ جَعَلُوا اللَّهَ مَثَلَ السَّوْءِ، وَهَذَا بَاطِلٌ.

وَالْوَاجِبُ فِي الْأَدِلَّةِ (٥) الْإِلَهِيَّةِ أَنْ يُسْلَكَ بِهَا هَذَا الْمَسْلَكُ فَيُعْلَمَ أَنَّ كُلَّ كَمَالٍ كَانَ لِمَخْلُوقٍ فَالْخَالِقُ أَحَقُّ بِهِ، فَإِنَّ كَمَالَ الْمَخْلُوقِ مِنْ كَمَالِ خَالِقِهِ، وَعَلَى اصْطِلَاحِهِمْ كَمَالُ الْمَعْلُولِ مِنْ كَمَالِ الْعِلَّةِ، وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ أَكْمَلُ مِنَ الْمُمْكِنِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِكُلِّ كَمَالٍ مُمْكِنٍ لَا نَقْصَ فِيهِ مِنْ كُلِّ مُمْكِنٍ، وَيُعْلَمُ أَنَّ كُلَّ نَقْصٍ تَنَزَّهَ عَنْهُ مَخْلُوقٌ فَالْخَالِقُ أَحَقُّ بِتَنْزِيهِهِ عَنْهُ، فَإِنَّ النَّقْصَ يُنَاقِضُ الْكَمَالَ، فَإِذَا كَانَ أَحَقَّ بِثُبُوتِ الْكَمَالِ كَانَ أَحَقَّ بِنَفْيِ النَّقْصِ، وَهَذِهِ الْقَضِيَّةُ بُرْهَانِيَّةٌ يَقِينِيَّةٌ، وَهُمْ يُسَلِّمُونَهَا.

وَهُمْ يَقُولُونَ أَيْضًا: إِنَّ الْفِعْلَ صِفَةُ كَمَالٍ، وَيَرُدُّونَ عَلَى مَنْ يَقُولُ مِنْ


(١) الْعِلْمِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(٢) ن: بِعَدَمٍ.
(٣) ن، م: وَمَفْعُولَهُ.
(٤) ا، ب: أَوْلَى، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٥) الْأَدِلَّةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>