للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ هَذَا الْمَفْعُولَ غَيْرُ تِلْكَ الْمَفْعُولَاتِ، فَإِنَّهُ مَلْزُومٌ لَهَا لَا يُوجَدُ بِدُونِهَا وَلَا تُوجَدُ إِلَّا بِهِ، فَهُمَا مُتَلَازِمَانِ، وَإِذَا تَلَازَمَتِ الْمَفْعُولَاتُ، فَتَلَازُمُ أَفْعَالِهَا وَإِرَادَتِهَا أَوْلَى، فَيَكُونُ كُلٌّ مِنَ الْقُدَمَاءِ الثَّلَاثَةِ: الْإِرَادَةُ الْمُعَيَّنَةُ (١) ، وَفِعْلُهَا، وَمَفْعُولُهَا، مَلْزُومًا لِحَوَادِثَ لَا نِهَايَةَ لَهَا لَازِمًا (٢) .

وَحِينَئِذٍ فَالذَّاتُ فِي فِعْلِهَا لِلْمَفْعُولِ الْمُعَيَّنِ عِلَّةٌ تَامَّةٌ أَزَلِيَّةٌ مُوجِبَةٌ لَهُ، وَهِيَ فِي سَائِرِ الْحَوَادِثِ لَيْسَتْ عِلَّةً أَزَلِيَّةً تُحْدِثُ فَاعِلِيَّتَهَا وَتَمَامَ إِيجَابِهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ.

وَالذَّاتُ مَوْصُوفَةٌ بِغَايَةِ الْكَمَالِ الْمُمْكِنِ، فَإِنْ كَانَ كَمَالُهَا فِي أَنْ يَكُونَ مَا فِيهَا بِالْقُوَّةِ هُوَ بِالْفِعْلِ، مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ إِمْكَانِ ذَلِكَ، وَلَا كَوْنِ (٣) دَوَامِ الْإِحْدَاثِ هُوَ أَكْمَلُ مِنْ أَنْ لَا يَحْدُثَ عَنْهَا شَيْءٌ - كَمَا قَدْ يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةُ - فَيَجِبُ أَنْ لَا يَحْدُثَ عَنْهَا شَيْءٌ (* أَصْلًا، وَلَا يَكُونُ فِي الْوُجُودِ حَادِثٌ. وَإِنْ كَانَ كَمَالُهَا فِي أَنْ تُحْدِثَ شَيْئًا *) (٤) بَعْدَ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْمَلُ مِنْ أَنْ [لَا] (٥) يُمْكِنُهَا إِحْدَاثُ شَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ، وَلِأَنَّ الْفِعْلَ صِفَةُ كَمَالٍ، وَالْفِعْلُ لَا يُعْقَلُ إِلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلِأَنَّ حُدُوثَ الْحَوَادِثِ دَائِمًا أَكْمَلُ مِنْ أَنْ لَا يَحْدُثَ شَيْءٌ، وَلِأَنَّ هَذَا الَّذِي بِالْقُوَّةِ هُوَ جِنْسُ الْفِعْلِ، وَهَذَا بِالْفِعْلِ دَائِمًا.

وَأَمَّا كَوْنُ كُلٍّ مِنَ الْمَفْعُولَاتِ أَوْ شَيْءٍ مِنَ الْمَفْعُولَاتِ أَزَلِيًّا فَهَذَا لَيْسَ


(١) ن، م: الْعَيْنِيَّةُ.
(٢) لَازِمًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(٣) ن، م: وَلَا يَكُونُ.
(٤) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) فَقَطْ.
(٥) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>