للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْقُوَّةِ، فَيُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ بِالْفِعْلِ، فَلَيْسَ فِي مُقَارَنَةِ مَفْعُولِهَا الْمُعَيِّنِ لَهَا كَمَالٌ، سَوَاءٌ كَانَ مُمْتَنَعًا أَوْ كَانَ نَقْصًا يُنَافِي الْكَمَالَ الْوَاجِبَ لَهَا، لَا سِيَّمَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ إِحْدَاثَ نَوْعِ الْمَفْعُولَاتِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ أَكْمَلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا مَا هُوَ مُقَارِنُ الْفَاعِلِ (١) أَزَلِيًّا مَعَهُ (٢) .

فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَجِبُ نَفْيُهُ عَنْهَا، فَلَا يَكُونُ لَهُ (٣) مَفْعُولٌ مُقَارِنٌ لَهَا، فَلَا يَكُونُ فِي الْعَالَمِ شَيْءٌ قَدِيمٌ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ. وَهَذَا بُرْهَانٌ مُسْتَقِلٌّ مُتَلَقًّى (٤) مِنْ قَاعِدَةِ الْكَمَالِ الْوَاجِبِ لَهُ وَتَنَزُّهِهِ (٥) عَنِ النَّقْصِ.

وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: مِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ إِحْدَاثَ مَفْعُولٍ بَعْدَ مَفْعُولٍ لَا إِلَى نِهَايَةٍ أَكْمَلُ مِنْ أَنْ لَا يَفْعَلَ إِلَّا مَفْعُولًا وَاحِدًا لَازِمًا لِذَاتِهِ، إِنْ قُدِّرَ ذَلِكَ مُمْكِنًا. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ أَكْمَلَ فَهُوَ مُمْكِنٌ (٦) ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ أَنَّ الذَّاتَ يُمْكِنُهَا أَنْ تَفْعَلَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، بَلْ يَجِبُ ذَلِكَ لَهَا، وَإِذَا كَانَ هَذَا مُمْكِنًا - بَلْ هُوَ وَاجِبٌ لَهَا - وَجَبَ اتِّصَافُهَا بِهِ دُونَ نَقِيضِهِ الَّذِي هُوَ أَنْقَضُ مِنْهُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا تَعْطِيلٌ عَنِ الْفِعْلِ، بَلْ هُوَ اتِّصَافٌ بِالْفِعْلِ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ.

وَبَيَانُ هَذَا أَنَّ الْفِعْلَ الْمُعَيَّنَ، وَالْمَفْعُولَ الْمُعَيَّنَ الْمُقَارِنَ لَهُ أَزَلًا وَأَبَدًا، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُمْتَنَعًا. فَإِنْ كَانَ مُمْتَنَعًا، امْتَنَعَ قِدَمُ


(١) الْفَاعِلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(٢) ا، ب: مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا مَا هُوَ مُقَارِنٌ أَزَلِيٌّ مَعَهُ.
(٣) ن، م: لَهَا.
(٤) ن: يُنَافِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٥) ا، ب: وَتَنْزِيهِهِ.
(٦) ن، م: وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَكْمَلَ وَهُوَ مُمْكِنٌ؛ ا: وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ أَكْمَلَ وَهُوَ مُمْكِنٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>