للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا فَالصَّحَابَةُ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ فِي مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَصَّلَهَا، وَارْتَفَعَ النِّزَاعُ، فَلَا يُعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي زَمَانِهِ مَسْأَلَةٌ تَنَازَعُوا فِيهَا إِلَّا ارْتَفَعَ النِّزَاعُ بَيْنَهُمْ بِسَبَبِهِ، كَتَنَازُعِهِمْ فِي وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَفْنِهِ، وَمِيرَاثِهِ، وَتَجْهِيزِهِ جَيْشَ أُسَامَةَ، وَقِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ الْكِبَارِ.

بَلْ كَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ حَقًّا، يُعَلِّمُهُمْ، وَيُقَوِّمُهُمْ، وَيُشَجِّعُهُمْ، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ مِنَ الْأَدِلَّةِ مَا تَزُولُ مَعَهُ الشُّبْهَةُ، فَلَمْ يَكُونُوا مَعَهُ يَخْتَلِفُونَ.

وَبَعْدَهُ فَلَمْ يَبْلُغْ عِلْمُ أَحَدٍ وَكَمَالُهُ عِلْمَ أَبِي بَكْرٍ وَكَمَالَهُ، فَصَارُوا يَتَنَازَعُونَ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ، كَمَا تَنَازَعُوا فِي الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ، وَفِي الْحَرَامِ، وَالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، وَفِي مُتْعَةِ الْحَجِّ، وَنَفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ وَسُكْنَاهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمَعْرُوفَةِ مِمَّا لَمْ يَكُونُوا يَتَنَازَعُونَ فِيهِ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ.

وَكَانُوا يُخَالِفُونَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا فِي كَثِيرٍ مِنْ أَقْوَالِهِمْ، وَلَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُمْ خَالَفُوا الصِّدِّيقَ فِي شَيْءٍ مِمَّا كَانَ يُفْتِي بِهِ وَيَقْضِي، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى غَايَةِ الْعِلْمِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>